للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان صدر الكلام في حكم المستأنف مع المعطوف، فإذا (١) قال الرجل: رأيت زيداً وعمراً كان التقدير رأيت زيداً ورأيت عمراً، فإذا قال: والله لا آكل هذا الرّغيف، وهذا الرغيف، أو قال: والله لا آكل هذا الرغيف ولا أكلم زيداً، فالتقدير: والله لا آكل هذا الرغيف، والله لا أكلم زيداً، ولو كرر اليمين تحقيقاً، لانفردت كل يمين عن الأخرى، ولاستقلت كل واحدة بمعقودها ومقصودها، ثم ترتب عليه أنه يحنث بأحد المذكورين في اليمين المربوطة به، وليست صيغ الأيمان بمثابة صيغة الشرط، هذا هو السؤال، وأقصى ما ذكره الأصحاب أن الاسم المعطوف على الاسم بمثابة الاسمين المجموعين في صيغة التثنية، هذا وجه التنبيه، والإشكالُ قائم في المسألة، وما قطع به الأصحاب ما نقلته، والعلم عند الله تعالى.

فصل

قال: " ولو قال: والله لا أشرب ماء هذه الإداوة ... إلى آخره " (٢).

١١٧٩٤ - إذا قال: لأشربن ماءَ هذه الإداوة، فالبر في شرب الكل، وإذا قال: لا أشرب ماء هذه الإداوة، لم يحنث إلا بالنزف، وشُربِ الكُلِّ، وإن قال: لأشربن من ماء هذه الإداوة، فالبر يحصل بشرب البعض؛ فإن (مِنْ) صريح في اقتضاء التبعيض، ولو قال: لأشربن ماء هذا النهر، فلا شك أن استيعاب ماء النهر بالشرب غير ممكن، فإذا كان لفظه مطلقاً على هذا الوجه، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: هذا عقد يمين على غير ممكن، ولا يتأتى طلب البرّ فيه، كما لو قال: لأصعدن السماء، هذا وجهٌ، وهذا القائل يقول: لو شرب من ماء النهر، لم يبرّ.

ومن أصحابنا من قال: قوله لأشربن ماء النهر معناه لأَرِدَنَّه، ولأشربن من مائه، ومن شائع الكلام: فلانٌ [شرب] (٣) الدِّجلة، معناه شرب منها.


(١) هـ ٤: " فأما إذا قال ".
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٣٤.
(٣) في الأصل: " يشرب ".