للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالزيود فيهم كثرة؛ فلا استقلال لشهادة العميان في ذلك، وإن كان معتمد الشهادة السماع.

وقد ألطف الشيخ أبو علي في تصوير الشهادة من الأعمى فيما يثبت بالتسامع، فقال: لو أراد أن ينسب شخصاً إلى شخص، لم يجد إليه سبيلاً. نعم، لو قال: زيدٌ بنُ بكر بنُ عمرو قرشيٌّ، أو هو من بني فلان، فيثبت بشهادة الأعمى؛ فإنه نسبٌ لا يحتاج فيه إلى الإشارة. والمسألة فيه إذا كان المذكور مشهور النسب بآبائه وأجداده المعيّنين، وإنما المطلوب انتهاؤه إلى قبيلة عظيمة. هذا ما ذكره.

١٢٠٤٩ - ثم ذكر الأصحاب مذهب مالك (١) في مصيره إلى أن [للأعمى] (٢) أن يعتمد في تحمل الشهادة الصوتَ، إذا حصل له العلم المبتوت فيه، لأنه يميز الصوت تمييزاً لا شك فيه، واحتَجَّ عليه باعتماد الزوج في وطء زوجته، وتمييزها من الأجنبيات.

وقال أصحابنا: وطء الزوجة من باب المعاملات، وهذا شهادة على الغير، وهو في حكم الولاية، وإن لم يكن ولاية، فلا يجوز التصدي لإثبات الأحكام على [البتات] (٣) مع التردد، وما يتعلق بالمعاملات قد يُتَسامح فيه لمسيس الحاجات والضرورات، ولا حاجة في الشهادة؛ فإن في البصراء مُتّسعاً، والصوت يشبه الصوت.

واختلف أصحابنا في شهادة الأعمى على المضبوط (٤) حيث يَستيقن منه قولاً، وذلك مثل أن يتمسك الأعمى بإنسان فيضع ذلك الإنسان فَلْق فيه على صماخ أذنه ويقرّ، فإذا تعلق الأعمى به، وشهد عليه في مجلس القاضي، ففي سماع شهاته -


(١) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٩٧١ مسألة: ١٩٦٠، عيون المجالس: ٤/ ١٥٤٦ مسألة ١٠٨٧، القوانين الفقهية: ٣٠٤، تبصرة الحكام: ٢/ ٨٧.
(٢) في الأصل: " الأعمى ". وهذا التعديل محاولة منا لإقامة العبارة بأدنى تغيير.
(٣) في الأصل: " الثاني " وفي (ق): " الناس ".
(٤) المضبوط: الإنسان الذي أمسك آخر به، وأحكم قبضته على أطرافه، بحيث لا يستطيع انفكاكاً ولا حراكاً.