(خلا والله بما كان صنع واحتوشه الندم وما نفع وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع وخلاه الخليل المصافي وانقطع واشتغل الأهل بما كان جمع وتملك الضد المال والدار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)
(تدبروا أموركم تدبر ناظر أين السلطان الكبير القاهر كم جمع في مملكته من عساكر وكم بنى من حصون ودساكر وكم تمتع بحلل وأساور وكم علا على المنابر ثم آخر الأمر إلى المقابر العاقل.
(أين الوالدون وما ولدوا، أين الجبارون وأين ما قصدوا، أين أرباب المعاصي على ماذا وردوا، أما جنوا ثمرات ما جنوا وحصدوا، أما قدموا على أعمالهم في مآلهم ووفدوا، أما خلوا في ظلمات القبور بكوا والله وانفردوا، أما ذلوا وقلوا بعد أن عتوا ومردوا، أما طلبوا زادا يكفي في طريقهم ففقدوا، أما حل الموت فحل عقد ما عقدوا، عاينوا والله كل ما قدموا ووجدوا، فمنهم أقوام شقوا وأقوام سعدوا.
(أيها المتيقظون وهم نائمون، أتبنون مالا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، كونوا كيف شئتم فستنقلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(يا مقيمين سترحلون، يا مستقرين ما تتركون، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون، أراكم متوطنين تأمنون المنون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(طول نهاركم تلعبون، وطول ليلكم ترقدون، والفرائض ما تؤدون، وقد رضيتم عن الغالي بالدون، لا تفعلوا ما تفعلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(أما الأموال فتجمعون، والحق فيها ما تخرجون وأما الصلاة فتضيعون وإذا صليتم تنقرون أترى هذا إلى كم يكون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(أين العتاة المتجبرون، أين الفراعنة المتسلطون أين أهل الخيلاء المتكبرون قدروا أنكم صرتم كهم أما تسمعون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(ما نفعتهم الحصون، ولا رد المال المصون، هبت زعزع الموت فكسرت الغصون، قدروا أنكم تزيدون عليهم ولا تنقصون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(تقلبوا من اللذات في فنون، وأخرجهم البطر إلى الجنون، فأتاهم ما هم عنه غافلون، (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(لو حصل لكم كل ما تحبون، ونما جميع ما تؤتون، ونلتم من الأماني ما تشتهون، أينفعكم حين ترحلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
(إلى متى وحتى متى تنصحون، وأنتم تكسبون الخطايا وتجترحون أأمنتم وأنتم تسرحون ذئب هلاك فلا تبرحون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)