للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث سعيد ابن المسيَّب عن أبيه الثابت في الصحيحين) قال لما حضرت أبا طالبٍ الوفاة جاءه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أمية بن المغيرة فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا عم قل لا إله إلا الله كلمةً أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغبُ عن ملةِ عبد المطلب؟، فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعيدُ له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملةِ عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أما والله لأستغفرنَّ لك ما لم أُنه عنك فأنزل الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوَاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوَاْ أُوْلِي قُرْبَىَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [سورة: التوبة - الآية: ١١٣]

وقد ورد أن الشيطان يحضر ابن آدم عند احتضاره وخروج روحه، ويعرض عليه كل ملة غير الإسلام، ويتمثل له بصورة الناصح الأمين كالأب، والأم، والأخ، والصديق الحميم فيقولون له: مت يهودياً فهو الدين المقبول عند الله تعالى. أو يقولون له: مت نصرانياً فإنه دين المسيح المقبول عند الله تعالى. ويذكرون له عقائد كل ملة حتى يموت على غير ملة الإسلام. وهذا غرضه لعنه الله.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حضرت أبي الوفاة لجلست عنده وبيدي الخرقة وهو في النزع لأشد لحييه، فكان يغرف حتى نظن أن قد قضي، ثم يفيق ويقول: لا بعد لا بعد بيده، ففعل ها مرة وثانية، فلما كان في الثالثة قلت له: يا أبت إيش هذا الذي قد لهجت به في هذا الوقت؟ فقال لي: يا بني ما تدرس؟ فقلت: لا فقال: إبليس لعنه الله، قام بحذائي عاضاً علي أنامله يقول: يا أحمد فُتَّنِّي وأنا أقول: لا بعد. حتى أموت.

[*] (روى ابن أبي الدنيا بإسناده في كتابه المحتضرين عن خالد بن أبي الهيثم قال: حدثني رجل من أهل الشام يقال له البراء قال: «شهدت فتى يموت، فجعل يظهر بجسده مثل ضرب السياط، فيتوجع ويقول: دعوني أقل، هو ذا أقول. ادعوا لي أبي. فإذا دعي أبوه يقول: واسوأتاه. ثم يكف. يمكث هكذا يومين أو يليه. فلما انقضى أجله قال: هو ذا أقول، ادعوا لي أبي. فلما دعوه قال: يا أبتاه، اعلم أني كنت أخالفك إلى امرأتك ثم مات»

<<  <  ج: ص:  >  >>