بل أكدَّ الله تعالى الوعد الذي ذكره في هذه الآية وأخبر بأنّه قد كتبه على نفسه الكريمة وأنزله على رسله في كتبه العظيمة: التوراة والإنجيل والقرآن, ثمّ بشَّر من قام بمقتضى هذا العقد, ووفََّّى بهذا العهد بالفوز العظيم والنعيم المقيم.
ومن هنا يتضح معنى قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلاَ إِنّ سِلْعَةَ الله غَالِيَةٌ كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ أَلاَ إِنّ سِلْعَةَ الله غَالِيَةٌ أَلاَ إِنّ سِلْعَةَ الله الْجَنّةُ».
(ولله درُ من قال:
يا سلعةَ الرحمن ِلست رخيصة ... بل أنتِ غالية ٌعلى الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالُها ... في الألفِ إلا واحدٌ لا اثنان
يا سلعة الرحمن أين المشتري ... فلقد عُرِضتِ بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب ... فالمهرُ قبل الموتِ ذو إمكان
يا سلعة الرحمن لولا أنَّها ... حُجِبَتْ بكلِّ مكاره ِالإنسان
ِما كان قطُّ من متخلفٍ ... وتَعَلتْ دارُ الجزاءِ الثاني
لكنَّها حُجِبَتْ بكلِّ كريهةٍ ... ليُصدَّ عنها المبطلُ المتواني
وتنالها الهممُ التي تَسْمُو ... إلى ربِّ العلا بمشيئةِ الرحمن
فاتْعَبْ ليوْم ِمعادِك الأدنى ... تَجِدْ راحاتهِ يومَ المعادِ الثاني
ولنذكرـ الآن ـ طرفًا من بعض التكاليف التي قد حُفَّت بها الجنة مع مشقتها على النفس:
(١) الجهاد في سبيل الله:
وهو فرض كفاية على المسلمين ليكفُّوا شرَّ الأعداء عن حوزة الإسلام, ولنشر تعاليم الدين السمحة, وفضله عظيم، وهاك غيضاً من فيض ونقطةً من بحر مما ورد في فضل الجهاد في سبيل الله:
(١) َفَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً بنص القرآن الكريم:
قال تعالى: (لاّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَىَ وَفَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) [سورة: النساء - الآية: ٩٥]
(٢) وعد الله تعالى لمن قتل في سبيله أن يدخله الجنة وليس هناك فوزيعدل الجنة كما هو معلوم شرعاً وعقلاً وبداهةً.