وقوله تعالى (لَمْ يَطْمِثْهُنّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنّ) قال أبو عبيدة لم يمسهن، يقال ما طمث هذا البعير حبل قط أي ما مسه، وقال يونس تقول العرب هذا جمل ما طمثه حبل قط أي ما مسه، وقال الفراء الطمث الافتضاض وهو النكاح بالتدمية.
(٥) مّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ:
وقال تعالى في وصفهن (حُورٌ مّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)[الرحمن: ٧٢]
[*](قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح:
المقصورات: المحبوسات.
قال أبو عبيدة خدرن في الخيام وكذلك قال مقاتل وفيه معنى آخر وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يرون غيرهم وهم في الخيام وهذا معنى قول من قال قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى من سواهم وذكره الفراء.
قلت: وهذا معنى قاصرات الطرف ولكن أولئك قاصرات بأنفسهن وهؤلاء مقصورات وقوله في الخيام على هذا القول صفة لحور أي هن في الخيام وليس معمولا لمقصورات وكأن أرباب هذا القول فسروا بان يكن محبوسات في الخيام وليس لا تفارقنها إلى الغرف والبساتين و أصحاب القول الأول يجيبون عن هذا بأن الله سبحانه وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات وذلك أجمل في الوصف ولا يلزم من ذلك أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين كما أن النساء الملوك ودونهم من النساء المخدرات المصونات لا يمنعن أن يخرجن في سفر و غيره إلى منتزه وبستان ونحوه فوصفهن اللازم لهن القصر في البيت ويعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها و أما مجاهد فقال مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ وقد تقدم وصف النسوة الأول بكونهن قاصرات الطرف وهؤلاء بكونهن مقصورات والوصفان لكلا النوعين فانهما صفتا كمال فتلك الصفة قصر الطرف عن طموحه إلى غير الأزواج وهذه الصفة قصر الرجل على التبرج والبروز والظهور للرجال.
(٦) خَيْرَاتٌ حِسَانٌ:
وقال تعالى:(فِيهِنّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)[الرحمن: ٧٠]
فالخيرات جمع خيرة وهي مخففة من خيره كسيدة ولينة وحسان جمع حَسَنَة فهن خيرات الصفات والأخلاق والشيم وحسان الوجوه.
[*] (أورد ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح عن ابن مسعود قال لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ولكل خيمة أربعة أبواب يدخل عليها في كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة لم تكن قبل ذلك لا ترحات ولا ذفرات ولا بخرات ولا صماحات.