للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الغني) غنى النفس كما جزم به في الرياض وهو الغني المحبوب وأشار البيضاوي وعياض والطيبي إلى أن المراد غنى المال والمال غير محذور لعينه بل لكونه يعوق عن اللّه فكم من غني لم يشغله غناه عن اللّه وكم من فقير شغله فقره عن اللّه فالتحقيق أنه لا يطلق القول بتفضيل الغني على الفقير وعكسه

(الخفي) بخاء معجمة أي الخامل الذكر المعتزل عن الناس الذي يخفي عليهم مكانه ليتفرغ للتعبد قال ابن حجر وذكر للتعميم إشارة إلى ترك الرياء وروى بمهملة ومعناه الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء قال الطيبي والصفات الثلاثة الجارية على العبد واردة على التفضيل والتمييز فالتقى مخرج للعاصي والغني للفقير والخفي على الروايتين لما يضادها فإذا قلنا إن المراد بالغنى غنى القلب اشتمل على الفقير الصابر والغني الشاكر منهم وفيه على الأول حجة لمن فضل الاعتزال وآثر الخمول على الاشتهار. قال بعض العارفين: طريق القوم لا تصلح إلا لمن كنست بأرواحهم المزابل، وقيل: ليس الخمول بعار * على امرئ ذي كمال * فليلة القدر تخفى * وتلك خير الليالي.

(حديث الزبير بن العوام في صحيح الجامع أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من استطاع منكم أن يكون له خَبِءٌ من عمل صالح فليفعل.

خَِبٌِء من عمل صالح: أي من الأعمال الخفيّة التي لا يطّلع عليها أحد من الناس, خالية من الرياء, فتكون خالصة لله تبارك و تعالى مثل صلاة النافلة في جوف الليل أو صدقة السر أو أي عمل آخر من الأعمال الصالحة.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(من استطاع) أي قدر إذ هي والقدرة والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل الأصول كما سبق

(أن يكون له خبء) أي شيء مخبوء أي مدخر

(من عمل صالح فليفعل) أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصاراً، قال ابن الكمال: والاستطاعة عرض يخلقه اللّه في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية.

(حديث معاذ في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود.

<<  <  ج: ص:  >  >>