وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَقِرَّ أَهْلَ الجَنَّةِ فِيهَا، وَيَحْمَدُونَ اللهَ تَعَالَى عَلَى النَّعِيمِ الذِي أَسْبَغَهُ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ، يَطَّلِعُونَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَرَوْنَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ العَذَابِ وَالنَّصَبِ، وَيَرَوْنَ قَوْماً مِمَّنْ عَرَفُوهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا، وَكَانُوا يُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللهِ، وَيَكْفُرُونَ بِهَا، وَيَسْخَرُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وَيُشَكِّكُونَ فِي صِدْقِ مَا جَاءَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ عَنْ ثَوَابِ اللهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَاعِلِي الخَيْرِ، وَعَنِ العَذَابِ الذِي يَنْتَظِرُ المُكَذِّبِينَ المُجْرِمينَ، فَيُخَاطِبُونَهُمْ قَائِلِينَ: لَقَدْ وَجَدْنَا نَحْنُ مَا وَعَدَنَا رَبُّنا مِنْ نَعِيمٍ، وَجَنَّاتٍ، حَقّاً، جَزَاءً عَلَى الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، فَهَلْ وَجَدْتُمْ أَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ النَّارِ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ عَذَابٍ وَنَكَالٍ حَقّاً؟ فَيُجِيبُهُمْ أَهْلُ النَّارِ: أَنْ نَعَمْ، لَقَدْ وَجَدْنَا ذَلِكَ. وَبَعْدَ أَنْ يُقِروا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ، يُعْلِنُ مُعْلِنٌ: أَنْ لَعْنَةَ اللهِ مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ وَالمَعَاصِي.
وَيُعَرِّفُ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاَءِ الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ فَيَقُولُ: إِنَّهُمُ الذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ اتِّبَاعِ مَا شَرَعَ اللهُ مِنَ الهُدَى، وَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّاتَ، وَيَبْغُونَ أَنْ تَكُونَ سَبيلُ اللهِ مُعْوَجَّةً غَيْرَ مُسْتَقِيمَةٍ حَتَّى لاَ يَسْلُكَهَا أَحَدٌ، وَيَكْفُرُونَ بِلِقَاءِ اللهِ فِي الآخِرَةِ، لاَ يُصَدِّقُونَ وَلاَ يُؤْمِنُونَ، وَلِذَلِكَ فَإنَّهُمْ لاَ يُبَالُونَ بِمَا يَأْتُونَ مِنْ مُنْكَرِ القَوْلِ وَالفِعْلِ، لأنَّهُمْ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَ اللهِ وَحِسَابَهُ.
وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَهْلِ النَّارِ حِاجَزاً (حِجَاباً) يَمْنَعُ وُصُولَ أَهْلِ النَّارِ إِلَى الجَنَّةِ، وَهُوَ السُّورُ الذِي قَالَ عَنْهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أَخْرَى {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ} وَهُوَ الأَعْرَافُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute