وَيَقُولُ المُفسِّرُونَ: يَقِفُ عَلَى الأَعْرَافِ أُنَاسٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ مَعْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَلاَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَلا هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيهِمْ، وَلكِنَّهُمْ يَطْمَعُونَ فِي أَنْ يُدْخِلَهُمُ اللهُ الجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ.
وَأَهْلُ الأَعْرَافِ يَعْرِفُونَ كُلاًّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الجَنَّةِ بِسِيمَاهُمُ التِي وَصَفَهُمُ اللهُ بِهَا (وَهِيَ بَيَاضُ الوَجْهِ، وَنَضْرَةُ النَّعِيمِ التِي تَعْلُو وُجُوهَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَسَوادُ الوَجْهِ وَالقَتَرَةُ التِي تَرْهَقُ وُجُوهَ أَهْلِ النَّارِ). وَيَتَوَجَّهُ أَهْلُ الأَعْرَافِ إلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بِالسَّلاَمِ قَائِلِينَ لَهُمْ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، يَقُولُونَهَا مُهَنِّئِينَ بِالفَوْزِ بِالحِسَابِ، طَامِعِينَ فِي أَنْ يُدِخِلََهُمُ اللهُ الجَنَّةَ مَعَهُمْ.
وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) إِنَّ أَهْلَ الأَعْرَافِ يُسَلِّمُونَ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ يَجْتَازُوا الحِسَابَ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ، إِذْ يَكُونُونَ طَامِعِينَ فِي دُخُولِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ يُسْرِ الحِسَابِ.
وَكُلَّمَا اتَّجَهَتْ أَبْصَارُهُمْ إلَى جِهَةِ أَهْلِ النَّارِ تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، وَقَالُوا رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وَيَعْرِفُ أَهْلُ الأَعْرَافِ رُؤُوسَ الكُفْرِ، وَقَادَةَ الشِّرْكِ، وَهُمْ فِي النَّارِ، بِسِيمَاهُمْ (أَيْ بِسَوَادِ وُجُوهِهِمْ) فَيُقَرِّعُونَهُمْ قَائِلِينَ: لَمْ تَنْفَعْكُمْ كَثْرَتُكُمْ، وَجَمْعُكُمُ المَالَ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْكُمُ اسْتِكْبَارُكُمْ، مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَهَا أَنْتُمْ قَدْ صِرْتُمْ إلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ العَذَابِ، وَسُوءِ المَصِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute