(يا من يُدعى إلى نجاته فلا يجيب، يا من قد رضي أن يخسر ويخيب، إن أمرك طريف وحالك عجيب، اذكر في زمان راحتك ساعة الوجيب، ويحك إن الحق حاضر ما يغيب، تحصى عليك أعمال الطلوع وأفعال المغيب، ضاعت الرياضة في غير نجيب، سيماك تدل وما يخفى المريب، لا بد لغربان الفراق من نعيب، أنساكن الغفلة ولغيرنا نعيب، يا من سِلَعَهُ كلها معيب اذكر يوم الفزع والتأنيب لا بد والله من فراق العيش الرطيب، والتحاف البلى مكان الطيب، واعجباً للذات بعد هذا كيف تطيب، ويحك أحضر قلبك لوعظ الخطيب، تذكر من قد أصيب، كيف نزل بهم يوم عصيب، وانتبه لأحظ الحظ والنصيب، واحترز فعليك شهيد ورقيب، ستخرج والله من هذا الوادي الرحيب، ولا ينفعك البكاء والنحيب، لا بد من يوم يتحير فيه الشبان والشيب، ويذهل فيه الطفل للهول ويشيب، يا من عمله كله رديء فليته قد شيب، كيف بك إذا أحضرت في حال كئيب، وعليك ذنوب أكثر من رمل كثيب، والمهيمن الطالب والعظيم الحسيب، فحينئذ يبعد عنك الأهل والنسيب، النوح أولى بك يا مغرور من التشبيب، أتؤمن أم عندك تكذيب، أم تراك تصبر على التعذيب، كأنك بدمع العين ومائها قد أذيب، اقبل نصحي وأقبل على التهذيب يا مطالباً بأعماله، يا مسئولاً عن أفعاله، يا مكتوباً عليه جميع أقواله، يا مناقشاً على كل أحواله، نسيانك لهذا أمر عجيب، أتسكن إلى العافية وتساكن العيشة الصافية وتظن أيمان الغرور واقية لا بد من سهم مصيب.
(يا متحيرا في طريقه قد بان البيان، يا بليد الاعتبار وقد أنذره الأقران، يا من تقرع قلبه المواعظ وهو قاس ما لان، لو حضرت بالذهن كفاك زجر القرآن.
(يا من راح في المعاصي وَغَدَا، ويقول سأتوب اليوم أو غدا، كيف تجمع قلباً قد صار في الهوى مبددا، كيف تلينه وقد أمسى بالجهل جلمدا، كيف تحثه وقد راح بالشهوات مقيداً، لقد ضاع قلبك فاطلب له ناشدا، تفكر بأي وجه تتلقى الردى تذكر ليلة تبيت في القبر منفرداً.
• يا من في حلل جهله يرفل ويميس، يا مؤثراً الرذائل على أنفس نفيس، يا طويل الأمل ماذا صنع الجليس، يا كثير الخطايا أشْمَتَّ إبليس، من لك إذا فاجأك مُذِلُ الرئيس، واحتوشتك أعوان ملك الموت وحمى الوطيس، ونقلت إلى لحد مالك فيه إلا العمل أنيس.