• يا من عمره كلما زاد نقص، يا من يأمن الموت وكم قد قنص، يا مائلاً إلى الدنيا هل سلمت من نغص، يا مُفَرِّطَاً في الوقت هلا بادرت الفرص، يا من إذا ارتقى في سلم الهدى فلاح له الهوى نكص، من لك يوم الحشر إذا نُشرت القصص، ذنوبك كثيرة جمة، ونفسك بغير الصلاح مهتمة، وأنت في المعاصي إمام وأمة، يا من إذا طلب في المتقين لم يوجد ثمة، متى تنقشع هذه الظلمة والغمة، يا من قد أعماه الهوى ثم أصمه، يا من لا يفرق بين المديح والمذمة، يا من باع فَرَحَه ثم اشترى غَمَه، يا عقلاً خرباً يحتاج إلى مرمة.
• يا من يجول في المعاصي قلبه وهمه، يا مؤثر الهوى على التقى لقد ضاع حزمه، يا معتقدا صحته فيما هو سقمه، يا من كلما زاد عمره زاد إثمه، يا طويل الأمل وقد رق عظمه، أما وعظك الزمان وزجرك ملمه، أين الشباب قل لي قد بان رَسْمُه، أين زمان المرح لم يبق إلا اسمه، أين اللذة ذهب المطعوم وطعمه، كيف يقاوي المقاوي والموت خصمه، كيف خلاص من قد أغرق فيه سهمه، يا لديغ الأمل قد بالغ فيه سمه، يا قليل العبر وقد رحل أبوه وأمه، يا من سيجمعه اللحد عن قليل ويضمه، كيف يوعظ من لا يعظه عقله ولا فهمه، كيف يوقظ من نام قلبه لا عينه ولا جسمه.
• يا من قد سارت بالمعاصي أخباره، يا من قد قبح إعلانه وإسراره، فقيراً يا من الهدى أهلكه إعساره، أتؤثر الخسران قل لي أو تختاره، يا كثير الذنوب وقد دنا إحضاره، يا مأسورا في حبس الزلل لا ينفعه إحصاره، نقدك بهرج إذا حك معياره، كم رد على مثلك درهمه وديناره، يا محترقاً بنار الهوى متى تخبو ناره.
• أيها المقيم على الخطايا والعصيان، التارك لما أمرك الرحمن، المطيع للغويّ الفتان، إلى متى أنت على جرمك مصرّ، ومما يقرّبك إلى مولاك تفرّ؟ تطلب من الدنيا ما لا تدركه، وتتقي من الآخرة ما لا تملكه، لا أنت بما قسم الله من الرزق واثق، ولا أنت بما أمرك به لاحق.
يا أخي، الموعظة، والله لا تنفعك، والحوادث لا تردعك. لا الدهر يدعك، ولا داعي الموت يسمعك، كأنك يا مسكين لم تزل حيًا موجودًا، كأنك لا تعود نسيًا مفقودًا.
فاز، والله، المُخِفُّون من الأوزار، وَسَلَمَ المتقون من عذاب النار، وأنت مقيم على كسب الجرائم والأوزار.