للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حدا بالفلاح أن يحزن على ما فاته من الدجاج وهو مورد رزقه ولقد ضاق ذرعا بهذا الثعلب وامتلأ قلبه بالغضب وجعل يفكر بحيلة يقبض عليه, أو طريقة يصل إليه, وينتقم منه أشد انتقام ويشفي صدره منه بعد طول الأيام حتى نصب له فخاً يقع فيه ولا يستطيع الخلاص منه, جاء الثعلب كعادته وتوجه نحو ركن الدجاج على طريقته ولم يدر ما خبأت له الأقدار, جزاء ما تحمل من الأوزار وما إن وصل إلى الفخ حتى وقع فيه فجعل يكابد ويحاول ويسعى بكل ما لديه من مكر وحيلة فلم يفلح ولم يعد بفائد حتى وصل الفلاح وشاهد الثعلب الواقع في فخه فقهقه قهقة عالية كالشيطان, وقال: اليوم أشفي غليلي منك وأصل إلى مرادي فيك أيها الثعلب الماكر, والحيوان المفترس الظالم, اليوم أقتلك شر قتله, لأتخلص منك إلى الأبد وأريج القلب والكبد ويسلم لي دجاجي والبيض.

ولم يجد الفلاح طريقة أشد على الثعلب من إشعاله بالنار ,وذلك بوسوسة الشيطان وإغوائه

وفعلا ألقى النار علية فاشتعل فروه اشتعال النار في الهشيم, واحترق جلده احتراق الكفار في الجحيم فجعل يركض من شدة الألم فيقع ويقوم حتى ازدادت حروقه, فوقع دون أن يقوم وصار جثة هامدة ,وقهقه الشيطان مرة ثانية وشعر بنشوة الانتصار ولذة التغلب على ذلك الثعلب المنهار, وقد نسي الله الغالب القهار. كان الله تعالى لهذا الظالم بالمرصاد, فلا ينسى أهل الشر والفساد.

وسرعان ما وقع به الجزاء وكان الجزاء من جنس العمل وفي ذات يوم دخل البيت بعد طول العناء وإذا به يسمع صوت امرأته تناديه للمساعدة والغوث فحضر إلى حيث تنادي في المطبخ وقد عجزت عن التحكم في اسطوانة الغاز, فاقترب منها وأشعل عود ثقاب وإذا بالغاز يلتهب في المطبخ وتشتعل ثياب الفلاح بالنار فيحرق جسمه ويذوق الألم الشديد كما أذاق الثعلب من قبل الم النار والحديد, ويركض من شدة الألم ولا يدري ماذا يفعل فقد أسقط في يديه وتجمد عقله مما حل بساحته وَأَلَمَ بجسده, ورآه الناس على تلك الحال المؤلمة فسارعوا لإنقاذه وهبوا لخلاصه مما أصابه وكان يركض أمام الناس وهم يتبعونه ويركضون وراءه فلا يصلونه وكان مشهدا عجبا وموقفا مرهبا وواقع أغرب من الخيال وأخيرا وصل الناس إليه والقوا عليه بطانية عليه لكي يحبسوا الهواء عن النار فتنطفئ ,ويتخلص الرجل من بلائه, وتسلم له حياته وهذا الذي حصل بلطف الله ورحمته الواسعة.

صحيح أن الرجل قد أطفئت ناره وبقيت له حياته ,ولكن آثار الاحتراق

<<  <  ج: ص:  >  >>