للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• يا غافلا ما يفيق، يا حاملاً ما لا يطيق، ألست الذي بارزت بالذنوب مولاك، ألست الذي عصيته وهو يرعاك، أسفاً لك ما الذي دهاك، حتى بعت هداك بهواك، يا ليت عينك أبصرت ذل الخطايا قد علاك.

• يا من لا يتعظ بأبيه ولا بابنه، يا مؤثراً للفاني على جودة ذهنه، يا متعوضا عن فرح ساعة بطول حزنه، يا مسخطاً للخالق لأجل المخلوق ضلالاً لإفنه، أمالك عبرة فيمن ضعضع مشيد ركنه، أما رأيت راحلاً عن الدنيا يوم ظعنه، أما تصرفت في ماله أكف غيره من غير إذنه، أما انصرف الأحباب عن قبره حين دفنه، أما خلا بمسكنه في ضيق سجنه، تنبه والله من وسنه لقرع سنه، ولقى في وطنه ما لم يخطر على ظنه، يا ذلة مقتول هواه يا خسران عبد بطنه.

• يا من يرجو الثواب بغير عمل، ويرجئ التوبة بطول الأمل، أتقول في الدنيا قول الزاهدين، وتعمل فيها عمل الراغبين، لا بقليل منها تقنع ولا بكثير منها تشبع، لا تثق من الرزق بما ضُمِنَ لك، ولا تعمل من العمل ما فرض عليك، تستكثر من معصية غيرك ما تحقره من نفسك، أما تعلم أن الدنيا كالحية لين لمسها والسم الناقع في جوفها، يهوى إليها الصبي

الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل، كيف تقر بالدنيا عين من عرفها وما أبعد أن يفطم عنها من ألفها.

• كيف تصح الفكرة لقلب غافل، وكيف تقع اليقظة لعقل ذاهل، وكيف يحصل الفهم للب عاطل، عجباً لِمُفَرِطٍ والأيام قلائل، ولمائل إلى ركن مائل، لقد خاب الغافلون وفاز المتقون وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون، مَنْ كُتِبَ عليه الشقاءُ كيف يَسْلَم، وَمَنْ عَمِيَ قَلْبُه كيف يفهم، ومن أمرضه طبيبه كيف لا يسقم، ومن اعوج في أصلِ وَضْعِه فبعيد أن يُتَقَوَّم، كم عملٍ رُدَّ على عَامِلِه، وكم أملٍ رَجَعَ بالخيبة على آمِلِه، وكم عامل بَالَغَ في إتعابِ مَفَاصِلِه، فهبت ريحُ الشقاءِ لتبديدِ حَاصِلِه.

• أيها النائم وهو منتبه، المتحير في أمر لا يشتبه، يا من قد صاح به الموت في سلب صاحبه، يا إخوان الغفلة تيقظوا، يا أقران البطالة تحفظوا، يا أهل المخالفة اقبلوا يا معرضين عنا أقبلوا يا مبارزين بالذنوب لا تفعلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>