للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المقابل، ومما يزيد العبد العالم بكل ذلك حسرة وألمًا، أن يجد كثيرًا ممن لا يعلمون مثل علمه ولا يقولون مثل قوله، وليس لديهم فصاحة كفصاحته، يجدهم أقوى منه قلبًا وأكثر منه عملاً وأشد منه خشية لله وحماسة للدين وغيرةً عليه ...

(أقسام العباد بالنسبة للقوتين «العلمية والعملية»

فإذا علمنا أنه بالقوة العلمية والقوة العملية يتمكن العبد من السير إلى ربه فينبغي أن نعلم أن هاتين القوتين تتفاوتان في العبد ... وقد يغلب على عبد القوة العلمية فيعلم الطريق وربما يُبصِّر به غيره ... ويعلم الداء والدواء ولكن تضعف عنده القوة العملية، فهو يصف الطريق ولا يسير فيه ويعلم الداء وهو مصاب به، ويصف الدواء ولا يتناوله.

وقد يغلب على عبد القوة العملية الإرادية ... فمع كونه أقل علمًا من سابقه، ولا يجيد توصيف الأمور، ولا يجيد الكلام ولا الجدال، إلا أنه أسلم قلبًا وأقوى عزيمة من الأول، وأزهد في الدنيا وأشجع في المواقف وأصبر في المصائب، ويسير إلى ربه سيرًا حثيثًا، وهذا إذا كان عنده الحد الأدنى من القوة العلمية التي تصح بها عبادته وعقيدته فهو أسعد حالاً ومآلاً من سابقه، أما إذا اضمحلت فيه القوة العلمية حتى صار يعبد الله على جهل ويدعو إليه على جهل فهذا يخشى عليه من التخليط والتخبط عند ورود الشبهات.

ومن ثم فإننا نجد ابن القيم رحمه الله يقسم الناس من حيث هاتين القوتين إلى أربعة أقسام:

(قسم تغلب عليه القوة العلمية.

(وثَانٍ تغلب عليه القوة العملية.

(وثالث له القوتان معًا.

(ورابع ضعفت فيه القوتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>