ومقام (المراقبة) جامع للمعرفة مع الخشية فبحسبهما يصح مقام المراقبة.
ومقام (الطمأنينة) جامع للإنابة والتوكل والتفويض والرضى والتسليم فهو معنى ملتئم من هذه الأمور إذا اجتمعت صار صاحبها صاحب طمأنينة وما نقص منها نقص من الطمأنينة.
وكذلك (الرغبة) و (الرهبة) كل منهما ملتئم من (الرجاء) و (الخوف) والرجاء على الرغبة أغلب والخوف على الرهبة أغلب.
وكل مقام من هذه المقامات فالسالكون بالنسبة إليه نوعان:«أبرار ومقربون»«فالأبرار في أذياله والمقربون في ذروة سنامه» وهكذا مراتب الإيمان جميعها وكل من النوعين لا يحصى تفاوتهم وتفاضل درجاتهم إلا الله.
مسألة: هل ترتيب منازل التزكية باعتبار أن السالك يقطع المقام ويفارقه وينتقل إلى الثاني كمنازل السير الحسي؟
[*](قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
واعلم أن ترتيب هذه المقامات ليس باعتبار أن السالك يقطع المقام ويفارقه وينتقل إلى الثاني كمنازل السير الحسي، هذا محال، ألا ترى أن (اليقظة) معه في كل مقام لا تفارقه وكذلك (البصيرة) و (الإرادة) و (العزم)، وكذلك (التوبة) فإنها كما أنها من أول المقامات فهي آخرها أيضا بل هي في كل مقام مستصحبة ولهذا جعلها الله تعالى آخر مقامات خاصته فقال تعالى في غزوة تبوك وهي آخر الغزوات التي قطعوا فيها الأودية والبدايات والأحوال والنهايات: (لَقَدْ تَابَ الله عَلَىَ النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ ثُمّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رّحِيمٌ)[التوبة: ١١٧] فجعل التوبة أول أمرهم وآخره وقال في سورة (أجل رسول الله) التي هي آخر سورة أنزلت (إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنّهُ كَانَ تَوّابَا)[سورة النصر]