نهاياتها فالذي كان بارقا هو بعينه الحال والذي كان حالا هو بعينه المقام وهذه الأسماء له باعتبار تعلقه بالقلب وظهوره له وثباته فيه.
«وقد ينسلخ السالك من مقامه كما ينسلخ من الثوب وينزل إلى ما دونه ثم قد يعود إليه وقد لا يعود»
«ومن المقامات: ما يكون جامعا لمقامين»
ومنها ما يكون جامعا لأكثر من ذلك.
ومنها ما يندرج فيه جميع المقامات فلا يستحق صاحبه اسمه إلا عند استجماع جميع المقامات فيه.
فالتوبة جامعة لمقام المحاسبة ومقام الخوف لا يتصور وجودها بدونهما.
و (التوكل) جامع لمقام التفويض والإستعانة والرضى لا يتصور وجوده بدونها.
و (الرجاء) جامع لمقام الخوف والإرادة.
و (الخوف) جامع لمقام الرجاء والإرادة.
و (الإنابة) جامعة لمقام المحبة والخشية لا يكون العبد منيبا إلا باجتماعهما.
و (الإخبات) له جامع لمقام المحبة والذل والخضوع لا يكمل أحدها بدون الآخر إخباتا.
و (الزهد) جامع لمقام الرغبة والرهبة لا يكون زاهدا من لم يرغب فيما يرجو نفعه ويرهب مما يخاف ضرره.
ومقام (المحبة) جامع لمقام المعرفة والخوف والرجاء والإرادة فالمحبة معنى يلتئم من هذه الأربعة وبها تحققها.
ومقام (الخشية) جامع لمقام المعرفة بالله والمعرفة بحق عبوديته فمتى عرف الله وعرف حقه اشتدت خشيته له كما قال تعالى (ِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) [فاطر: ٢٨]
فالعلماء به وبأمره هم أهل خشيته قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية".
ومقام (الهيبة) جامع لمقام المحبة والإجلال والتعظيم.
ومقام (الشكر) جامع لجميع مقامات الإيمان ولذلك كان أرفعها وأعلاها وهو فوق (الرضا) وهو يتضمن (الصبر) من غير عكس ويتضمن (التوكل) و (الإنابة) و (الحب) و (الإخبات) و (الخشوع) و (الرجاء) فجميع المقامات مندرجة فيه لا يستحق صاحبه اسمه على الإطلاق إلا باستجماع المقامات له ولهذا كان الإيمان نصفين: نصف صبر ونصف شكر والصبر داخل في الشكر فرجع الإيمان كله شكرا والشاكرون هم أقل العباد كما قال تعالى: ٣٤:١٣ {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
ومقام (الحياء) جامع لمقام المعرفة والمراقبة.
ومقام (الأنس) جامع لمقام الحب مع القرب فلو كان المحب بعيدا من محبوبة لم يأنس به ولو كان قريبا من رجل ولم يحبه لم يأنس به حتى يجتمع له حبه مع القرب منه.
ومقام (الصدق) جامع للإخلاص والعزم فباجتماعهما يصح له مقام الصدق.