للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] (روى وهب بن منبه: أن رجلاً صام سبعين سنة يأكل كل سنة إحدى عشرة تمرة وطلب حاجة من الله فلم يعطها فأقبل على نفسه فقال: من قبلك بليت لو كان فيك خيراً أعطيت فنزل إليه ملك فقال: إن ساعتك هذه التي ازدريت فيها على نفسك خير من عبادتك وقد أعطاك الله حاجتك ٠

[*] (وقال فضيل بن عياض: أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي فقلت له: إن كنت تظن أنه قد بقي على وجه الأرض شر مني ومنك فبئس ما ترى ٠

إخواني: من تفكر في ذنوبه تاب ورجع ومن تذكر قبيح عيوبه ذل وخضع، ومن علم أن الهوى يسكن تصبر ومن تلمح إساءته لم يتكبر ٠

[*] (كان يزيد الرقاشي يقول: والهفاه سبق العابدون وقطع بي وكان قد صام أثنين وأربعين سنة ٠

(يا من نسي العهد القديم وخان، من الذي سواك في صورة الإنسان من الذي غذاك في أعجب مكان، من الذي بقدرته استقام الجثمان الذي بحكمته أبصرت العينان، من الذي بصنعته سمعت الأذنان، من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان، من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان، مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران، إلى كم تخالفه وما يصبر على الخلاف الأبوان، وتعامله بالغدر الذي لا يرضاه الإخوان، وتنفق في خِلافه ما عَزَّ وهان، ولو علم الناس منك ما يعلم: ما جالسوك في مكان، فارجع إليَّه ما دمت في زمن الإمكان، وتب إليه فإنه الرحيم الرحمن، عساه أن يعفو عما سلف وكان من الذنوب والعصيان.

يا نفس: بادري بالأوقات قبل انصرامها واجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامها فكأنك بالقبور وقد تشققت وبالأمور وقد تحققت وبوجوه المتقين وقد أشرقت وبرءوس العصاة وقد أطرقت ٠ يا نفس: أما الورعون فقد جدلوا وأما الخائفون فد استعدوا وأما الصالحون فقد راحوا وأما الواعظون فقد صاحوا ٠

يا نفس: اتعبي قليلاً تستريحي في الفردوس كثيراً كأنك بالتعب قد مضى وبحرصك من اللعب قد مضى وثمر الصبر قد أثمر حلاوة الرضا لا يطمعن البطال في إدراك الأبطال هيهات أن يدرك البطل المجتهد من غاب حين النزال فما شهد حفت الجنة بالمكاره فلا يوصل إليها إلا بالمضض كذلك كل محبوب يلذ وكل عرض من غير مشقة وإلا متى لم يبعد على طالبٍ المشقة: العلم لا يحصل إلا بالنصب والمال لا يجمع إلا بالتعب واسم الجواد لا يناله بخيل ولا يلقب بالشجاع إلا بعد تعب طويل ٠ لَولا المشَقَة سادَ الناس كُلَهُم الجود يفقر والإِقبالُ قتَّالُ

(أخي الحبيب:

<<  <  ج: ص:  >  >>