للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إخواني حاسبوا أنفسكم قبل الحساب، وأعدوا للسؤال جواب، وللجواب صواب، واحفظوا بالتقوى بِتَقْوَى اللهِ الملك العَلام الحَيِّ القَيُّومِ الذي لا يَنَامُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَحْسَنَ فَعَلَيْهِ بالتمام، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ أساء فَلْيَخْتِم بالحسنى، فالعمل بالختام، أَما أَوضح لكم الطريق المُوصِلَ إلى دَارِ السلام، أَما بعث إليكم مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لتبليغ الشَّرَائِعَ وَالأحْكَامِ، أَما أَنْزَلَ عَلَيْهِ الذِّكْرَ لِيُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا أَوْدَعَهُ فِيهِ مِنْ الأَحْكَام، أَمَا دَعَاكُمْ إِلى التَّوَكّلِ عَلَيْهِ وَالاعْتِصَامِ، أَمَّا حَثَّكُم إلى العَمَلَ فِيمَا يُقَرِّبُ إلى دَارِ السَّلامِ، أَمَّا حَذَّرَكُمْ عَوَاقِبَ مَعَاصِيهِ وَنَهَاكُمْ عَنْ الآثَامِ، أَمَا أنْذَركُم هَوْلَ يَوْمٍ أَطْوَلَ الأَيَّامِ، اليَوْمُ الذي يَشِيبُ فِيهِ الوِلْدَانْ، وَتَنْفَطِرُ فِيهِ السَّمَاءُ، وَتَنْكَدِرُ فِيهِ النُّجُومِ، وَتَظْهَرُ فِيهِ أَمُورٌ عِظَامٌ، أَمَّا خَوَّفكمُ مَوَارِدُ الحَمَامِ، أَمَا ذَكَّرَكُمْ مَصَارِعَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ الأَنَامِ، أَمَا أَمَدَّكُم بالأبْصَارِ وَالأَسْمَاعِ وَصِحَّةِ الأَجْسَامِ، أَمَا وَعَدَكَمُ بِقَبُولِ تَوْبَةِ التَّائِبِينَ رَحْمَةً مِنْهُ جَرَتْ بِهِ الأَقْلامُ، فَوَاللهِ لَحُقَّ لِهَذَا الرَّبِ العَظِيمِ أَنْ يُطَاعَ فَلا يُعْصَى عَلَى الدَّوَامِ، فَيَا أَيُّهَا الشُّيُوخُ بَادِرُوا فَمَا لِلزرْعِ إِذَا أَحْصَدَ إلا الصِّرَامُ، وَيَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ جُدُّوا في العَمَلِ فُرَبُّ امْرئٍ مَا بَلَغَ التَّمَامَ، وَاحْذَرُوا عِقَابَ رَبِّكُم يَوْمَ يُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ.

(لله درُ أقوامٍ حبسوا النفوس في سجن المحاسبة، وبسطوا عليها ألسن المعاتبة، ومدوا نحوها أكف المعاقبة، وتحق لمن بين يديه المناقشة والمطالبة، فارتفعت بالمعاتبة عيوبهم.

(مخاطرُ ترك المحاسبة:

إن غياب محاسبة النفس نذير غرق العبد في هواه، وما أردى الكفار في لجج العمى إلا ظنهم أنهم يمرحون كما يشتهون بلا رقيب، ويفرحون بما يهوون بلا حسيب، قال سبحانه عنهم: إِنَّهُم كَانُواْ لا يَرجُونَ حِسَاباً [النبأ:٢٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>