[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حاتم الأصم قال: التوبة أن تتنبه من الغفلة وتذكر الذنب وتذكر لطف الله وحكم الله وستر الله، إذا أذنبت لم تأمن الأرض والسماء أن يأخذاك، فإذا رأيت حكمه رأيت أن ترجع من الذنوب مثل اللبن إذا خرج من الضرع لا يعود إليه، فلا تعد إلى الذنب كما لا يعود اللبن في الضرع، وفعل التائب في أربعة أشياء، أن تحفظ اللسان من الغيبة والكذب والحسد واللغو، والثاني أن تفارق أصحاب السوء، والثالث إذا ذكر الذنب تستحي من الله، والرابع تستعد للموت. وعلامة الاستعداد أن لا تكون في حال من الأحوال غير راض من الله، فإذا كان التائب هكذا يعطيه الله أربعة أشياء أولها يحبه كما قال تعالى:(إِنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهّرِينَ)[البقرة: ٢٢٢]. ثم يخرج من الذنب كأنه لم يذنب قط، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التائب في الذنب كمن لا ذنب له. والثالث يحفظه من الشيطان لا يكون له عليه سبيل والرابع يؤمنه من النار قبل الموت، كما قال تعالى:(أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)[فصلت: ٣٠]. ويجب على الخلق أربعة أشياء: ينبغي لهم أن يحبوا هذا التائب كما يحبه الله تعالى ويدعوا له بالحفظ ويستغفروا له كما تستغفر له الملائكة، قال الله تعالى: فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم.-غافر:٧ - .إلخ، ويكرهوا له ما يكرهون لأنفسهم. والرابع: أن ينصحوا للتائب كما ينصحون لأنفسهم.
(٦) التحلل من المظالم:
التوبة تكون من حق الله وحق العباد؛ فحق الله تعالى يكفي في التوبة منه الترك على ما تقدم، غير أن منه ما لم يكتف الشرع فيه بالترك، بل أضاف إليه القضاء والكفارة.
أما حق غير الله فيحتاج إلى التحلل من المظالم فيه، وإلى أداء الحقوق إلى مستحقيها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذنب
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عِرْضه أو شيء فليتحَلَلْه منه اليوم قبل أن لايكون ديناراً ولا درهما، إن كان له حسناتٌ أُخِذَ منه بقدرِ مظلمته وإن لم تكن له حسنات أُخِذَ من سيئاته فَحُمِلت عليه).