(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الندم توبة و التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) قال الغزالي: إنما نص على أن الندم توبة ولم يذكر جميع شروطها ومقدماتها لأن الندم غير مقدور للعبد فإنه قد يندم على أمر وهو يريد أن لا يكون والتوبة مقدورة له مأمور بها فعلم أن في هذا الخبر معنى لا يفهم من ظاهره وهو أن الندم لتعظيم اللّه وخوف عقابه مما يبعث على التوبة النصوح فإذا ذكر مقدمات التوبة الثلاث وهي ذكر غاية قبح الذنوب وذكر شدة عقوبة اللّه وأليم غضبه وذكر ضعف العبد وقلة حيلته يندم ويحمله الندم على ترك اختيار الذنب وتبقى ندامته بقلبه في المستقبل فتحمله على الابتهال والتضرع ويجزم بعدم العود إليه وبذلك تتم شروط التوبة الأربعة فلما كان الندم من أسباب التوبة سماه باسمها.
(أخي الحبيب:
أذرف دموع الندم، واعترف بين يدي مولاك، وعاهده على سلوك سبيل الطاعة، وقل كما قال القائل:
أنا العبد الذي كسب الذنوبا ... وصدته الأماني أن يتوبَ
أنا العبد الذي أضحى حزيناً ... على زلاته قلقاً كئيبا
أنا العبد الذي سطرت عليه ... صحائف لم يخف فيها الرقيبا
أنا العبد المسيء عصيت سراً ... فما لي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المفرط ضاع عمري ... فلم أرع الشبيبة و المشيبا
أنا العبد الغريق بلج بحر ... أصيح لربما ألقى مجيبا
أنا العبد السقيم من الخطايا ... وقد أقبلت ألتمس الطبيبا
أنا العبد المخلف عن أناس ... حووا من كل معروف نصيبا
أنا العبد الشريد ظلمت نفسي ... وقد وافيت بابكم منيبا
أنا العبد الفقير مددت كفي ... إليكم فادفعوا عني الخطوبا
أنا الغدَّار كم عاهدت عهداً ... وكنت على الوفاء به كذوبا
أنا المقطوع فارحمني و صلني ... و يسر منك لي فرجاً قريبا
أنا المضطر أرجو منك عفواً ... و من يرجو رضاك فلن يخيبا
(٥) العزم على عدم العودة:
فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع الى الذنب بعد التوبة، وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألا يعود إليه في المستقبل.