للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أبي سعيدٍ في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا.

(حكم الاستقامة:

أمر الله عز وجل نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأتباعه أن يلتزموا الاستقامة عقيدة وشريعة، هدياً ومنهجاً، ويجتنبوا الطغيان، ويحذروا أهواء أولياء الشيطان، قال الله تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة هود:١١٢] [*] (قال ابن كثير رحمه الله: " يأمر الله – تعالى – رسوله وعباده المؤمنين بالثبات والدوام على الاستقامة، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء، ومخالفة الأضداد، وينهى عن الطغيان وهو البغي؛ فإنه مصرعة حتى ولو على مشرك، وأعلم تعالى أنه بصير بأعمال العباد لا يغفل عن شيء، ولا يخفى عليه شيء ".

(أدلة الاستقامة:

لقد حث الله تعالى على الاستقامة، وأمر بها عباده، وجاءت الدعوة إلى الاستقامة في مواطن من القرآن الكريم، منها ما يلي:

(١) الأمر المباشر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود: ١١٢]

وقوله تعالى: (فَاسْتَقِيمُوَاْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ) [فصلت: ٦]

(٢) ومنها الحثُ على الاستقامة والحضُ عليها وبيان النتائج المترتبة عليها، كما في قوله تعالى: (إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت: ٣٠]

وقوله تعالى: (إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأحقاف: ١٣]

(وقد أورد الماوردي في الآية خمسة أوجه:

أحدها: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده.

الثاني: استقاموا على طاعته وأداء فرائضه.

الثالث: على إخلاص الدين والعمل إلى الموت.

الرابع: ثم استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم.

الخامس: ثم استقاموا سرًّا كما استقاموا جهرًا.

والحق أن ذلك كله داخل في معنى الاستقامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>