قال ابن القيم: جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفة في التوحيد سمحة في العمل وضد الأمرين الشرك وتحريم الحلال وهما قربتان وهما اللذان عابهما اللّه في كتابه على المشركين في سورة الأنعام والأعراف.
(حديث حنظلة بن الربيع الأُسيدي الثابت في صحيح مسلم) قال لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قال قلت نكون عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلت نافق حنظلة يا رسول الله فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما ذاك؟ قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات.
وكذلك الرياء في الأعمال يخرجه عن الاستقامة. والفتور والتواني يخرجه عنها أيضاً.
(الدرجة الثانية (استقامة الأحوال):
استقامة الأحوال، وهي شهود الحقيقة لا كسباً، ورفض الدعوى لا علماً، والبقاء مع نور اليقظة لا تحفظاً [منازل السائرين – ص ٤٣]
يعني أن استقامة الحال بهذه الثلاثة.
أما "شهود الحقيقة" فالحقيقة حقيقتان: حقيقة كونية، وحقيقة دينية، يجمعهما حقيقة ثالثة، وهي مصدرهما ومنشؤهما، وغايتهما، وأكثر أرباب السلوك من المتأخرين: إنما يريدون بالحقيقة الحقيقة الكونية، وشهودها هو شهود تفرد الرب بالفعل، وأن ما سواه محل جريان أحكامه وأفعاله، فهو كالحفير الذي محل لجريان الماء حسب.
وعندهم أن شهود هذه الحقيقة والفناء فيها غاية السالكين.
ومنهم: من يشهد حقيقة الأزلية والدوام، وفناء الحادثات وطَيَّهَا في ضمن بساط الأزلية والأبدية، وتلاشيها في ذلك، فيشهدها معدومة، ويشهد تفرد موجدها بالوجود الحق بالحق، وأن وجود ما سواه رسوم وظلال.
فالأول: شهد تفرده بالأفعال، وهذا شهد تفرده بالوجود.