للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] (وأورد ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه التبصرة عن النضر بن المنذر أنه قال لإخوانه «زوروا الآخرة في كل يوم بقلوبكم، وشاهدوا الموت بتوهمكم، وتوسدوا القبور بفكركم، واعلموا أن ذلك كائن لا محالة فمختار لنفسه ما أحب من المنافع والضرر، أيام حياته»

(وأما المتعلق بالمعبود جل جلاله: فقد منع الشرع من التفكر في ذات الله عز وجل وصفاته كما في الحديث الآتي:

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: تفكروا في آلاء الله و لا تفكروا في الله.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(تفكروا في آلاء اللّه) أي أنعمه التي أنعم بها عليكم قال القاضي: والتفكر فيها أفضل العبادات

(ولا تفكروا في اللّه) فإن العقول تحير فيه فلا يطيق مد البصر إليه إلا الصديقون ثم لا يطيقون دوام النظر بل سائر الخلق أحوال أبصارهم بالإضافة إلى جلاله كبصر الخفاش بالإضافة إلى الشمس فلا يطيقه البتة نهاراً ويتردد ليلاً لينظر في بقية نور الشمس فحال الصديقين كحال الإنسان في النظر إلى الشمس فإنه يقدر على نظرها ولا يطيق دوامه فإنه يفرق البصر ويورث الدهش فكذا النظر إلى ذات اللّه يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل فالصواب أن لا يتعرض لمجاري الفكر في ذاته وصفاته لأن أكثر العقول لا

(تنبيه) قال الراغب: نبه بهذا الخبر على أن غاية معرفة الإنسان ربه أن يعرف أجناس الموجودات جواهرها وأعراضها المحسوسة والمعقولة ويعرف أثر الصنعة فيها وأنها محدثة وأن محدثها ليس إياها ولا مثلاً لها بل هو الذي يصح ارتفاع كلها بعد بقائه ولا يصح بقاؤها وارتفاعه ولما كان معرفة العالم كله يصعب على المكلف لقصور الأفهام عن بعضها واشتغال البعض بالضروريات جعل تعالى لكل إنسان من نفسه وبدنه عالماً صغيراً أوجد فيه مثال كل ما هو موجود في العالم الكبير ليجري ذلك من العالم مجرى مختصر عن كتاب بسيط يكون مع كل أحد نسخة يتأملها حضراً وسفراً وليلاً ونهاراً فإن نشط وتفرغ للتوسع في العلم نظر في الكتاب الكبير الذي هو العالم فيطلع منه على الملكوت ليقرر علمه وإلا فله مقنع بالمختصر {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} أهـ.

[*] (قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه التبصرة تعليقاً على قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تفكروا في آلاء الله و لا تفكروا في الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>