فالحاصل أن الإنسان يحتاج إلى تصميم و إلى صدق في الطلب، فالرياضة تعويد النفس على الصدق والإخلاص، الصدق له معان عديدة، من معاني الصدق أن يأتي كلامك مطابقا للواقع، هذا الصدق الإخباري، و المعنى الأخطر أن يكون واقعك مطابقا لقولك، أن يأتي القول مطابقا للواقع هذا صدق الإخبار، أما أن يأتي العمل مطابقا للواقع هذا صدق التطبيق، لذلك قال تعالى:(يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصّادِقِينَ)[التوبة: ١١٩]
هنا ليس معنى " الصادقين " هم الذين يصدقون إذا حدّثوا، الذين تأتي أعمالهم مطابقة لأقوالهم «فكلٌّ يدّعي أنه مؤمن بالآخرة، لكن لو تفحصت أعمال الناس لا تجد أثرا لهذا الادّعاء إطلاقا»، فهؤلاء يكذبون بأعمالهم لا بأقوالهم، هم يتكلمون كلاما طيبا، وإذا أخبروك أخبروك صادقين، و لكن أعمالهم لا تؤكد صدق كلامهم، فمنزلة الرياضة التمرين على الصدق و الإخلاص، عملك مطابق لادعائك و قولك، و يأتي الإخلاص ليبيِّن نزاهتك عن مطلب سوى الله عزوجل.
(قال أحد العلماء:
سألني أخ من ما علامة الإخلاص؟ قلت له: علامة الإخلاص أن يستوى ظاهرك مع باطنك و أن تستوي علانيتك مع سرك، و أن تستوي خلوتك مع جلوتك، أنت إنسان واحد، في خلوتك وفي جلوتك، في بيتك و أمام الناس، في سرك و علانيتك، أروع ما في الإنسان هذا التوحُّد، لا يوجد ازدواجية، للمنافق موقفان، موقف معلَن وموقف حقيقي، قال تعالى:
إذًا التدريب على أن تأتي أعمالك مطابقة لأقوالك، كأن تقول: أنا مؤمن بالآخرة، هنا ينبغي ألاَ تقبل درهما واحدا من حرام، النبي عليه الصلاة و السلام رأى على سريره تمرة، فقال: يا عائشة لولا أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها، تمرة في بيته و على السرير، و لكن داخله الشك لعلها من تمر الصدقة، لذلك
قالوا: ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعة من مخلط، و قالوا: من لم يصده ورعه عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيٍْ من عمله.