للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوف مستلزم للرجاء والرجاء مستلزم للخوف عند المؤمن، لأن كل خائف راجي وكل راجي خائف، ولهذا حسن وقوع الرجاء في مواضع يحسن فيه وقوع الخوف ((مالكم لا ترجون لله وقاراً)) .. قال المفسرين: مالكم لا تخافون لله عظمة، فكل راجٍ خائف من فوات مرجوّه، هذا يفسّر لنا كيف أن الرجاء مرتبط بالخوف وأن الراجي خائف أن يفوت مطلوبه ورحمة الله وجنته.

انظر إلى التداخل العجيب بين مقامات الإيمان في قلب المؤمن، والخوف بلا رجاء يأس وقنوط .. !!!

قال تعالى: ((قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله)) أي لا يخافون وقائع الله بهم كما وقعت في الأمم الذين من قبلهم من التدمير والإهلاك.

(١٠) ثم إن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربه فأعطاه ما رجاه فحصل المطلوب يحصل مزيد من التشجّع وسؤال المزيد والإقبال على الله وهكذا لا يزال العبد في ازدياد في الإيمان والقرب من الرحمن.

(١١) على قدر رجاء العباد وخوفهم يكون فرحهم يوم القيامة بحصول المرجو الأعظم وهو نيل رضا الرب والجنة ورؤية الله فيها.

وكذلك فإن الله يريد من العبد أن يكمل نفسه بمراتب العبودية من الذل والانكسار لله والتوكل عليه والاستعانة به والخوف منه والصبر على أقداره والشكر له وعلى إنعامه ولذلك يقدر الذنب على العبد لتكمل مراتب العبودية عند العبد فيستغفر العبد، فلولا الذنب ما حصل انكسار ولا توبة، يبتليهم بالذنوب ليعالج ما في قلوبهم بالانكسار وطلب التوبة فينكسر بين يدي الله فيتحقق معنى مهم جداً جداً من معاني العبودية .. !!

كيف تتحقق العبودية إذا لم يكن هناك انكسار وذل وخضوع .. ؟!!، أحياناً لا يصدر الانكسار والذل هذا إلا بذنب يتوب منه العبد ويعرف تقصيره والبلية التي وقع فيها وحجم المعصية.

الرجاء فيه انتظار وترقّب وتوقع لفضل الله عزوجل فيتعلق القلب أكثر بخالقه ..

[*] (أنواع الرجاء:

الرجاء ثلاث أنواع، نوعان محمودان ونوع غرور مذموم ..

النوع الأول: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فماذا يرجو؟ ثواب الله ..

النوع الثاني: رجل أذنب ذنوباً ثم تاب منها فماذا يرجو؟ يرجو مغفرة الله ومحو الذنوب والتجاوز عنها وسترها ..

النوع الثالث: رجل متمادي في التفريط والمعاصي والسيئات ويرجو رحمة ربه والمغفرة بلا عمل!! فهذا غرور وتمني ورجاء كاذب لا يعتبر رجاء محموداً أبداً ..

<<  <  ج: ص:  >  >>