للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما استشكل عليه بأدب وتقدير واحترام، فلما نزل قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} (سورة النساء، الاية:١٢٣) قال أبوبكر يارسول الله، قد جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءاً؟ فقال: ياأبابكر، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأوى؟ فذلك مما تجزون به (١).

(حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أنه قال يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) الآية وكل شيء عملناه جزينا به فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن ألست يصيبك اللأواء قال فقلت بلى قال هو ما تجزون به.

وقد فسر الصديق بعض الآيات مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (سورة فصلت، الآية: ٣٠) قال فيها: فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة، فلم يلتفتوا بقلوبهم إلى ماسواه لا بالحب ولا بالخوف، ولا بالرجاء ولا بالسؤال ولا بالتوكل عليه، بل لا يحبون إلا الله ولا يحبون معه أنداداً، ولايحبون إلا إياه، لا لطلب منفعة، ولا لدفع مضرة، ولا يخافون غيره كائناً من كان، ولا يسألون غيره ولا يتشرفون بقلوبهم الى غيره (٢)، وغير ذلك من الآيات.

وكان رضي الله تعالى عنه أعلم الصحابة بالأنساب:

فهو عالم من علماء الأنساب وأخبار العرب، وله في ذلك باع طويل جعله أستاذ الكثير من النسابين كعقيل بن أبي طالب وغيره، وكانت له مزية حببته إلى قلوب العرب وهي: أنه لم يكن يعيب الأنساب، ولايذكر المثالب بخلاف غيره (٣)، فقد كان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها، وبما فيها من خير وشر (٤)، بدلالة الحديث الآتي:

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها.


(١) احمد (١/ ١١) وقال الشيخ شاكر اسانيدها ضعاف. وهو صحيح بطرقه وشواهده. انظر: مسند الامام احمد رقم ٦٨.
(٢) الفتاوى (٢٨/ ٢٢).
(٣) التهذيب (٢/ ١٨٣).
(٤) الإصابة (٤/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>