للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] وقال الفَخْرُ الرَّازي (١): لا مَقْصُودَ من جميع التَّكَالِيفِ إلا مَعْرِفَةُ ذُلِّ العُبُودِيَةِ وعِزَّ الرُّبوبِيَةِ، فإذا كان الدُّعَاءُ مُسْتَجْمِعاً لهذين المَقَامَيْنِ، لا جَرَمَ كان الدُّعَاءُ أعْظَمَ أنواع العبادات ٠

[*] وقال الشوكاني (٢): الآية الكريمة دَلَّتْ على أن الدُّعَاءَ من العبادة، فإنه سبحانه وتعالى أمَرَ عباده أن يَدْعُوهُ ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} فأفاد ذلك أن الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ، وأنَّ تَرْكَ دُعَاءُ الرَّبِّ سبحانه اسْتِكْبَارٌ، ولا أقْبَحَ من هذا الاسْتِكْبَار ٠

[*] وقال الفَخْرُ الرَّازي (٣): من المعلوم بالضرورة أن الإنسان لا يَنْتَفِعُ في يوم القيامة إلا بطاعة الله تعالى، فلا جَرَمَ كان الاشتغال بالطَّاعَةِ مِنْ أهَمِّ اَلْمُهِمَاتِ، ولَمَّا كان أشرف أنواع الطَّاعات الدُّعَاءُ والتَّضَرُعُ، لا جَرَمَ أمَرَ الله سبحانه وتعالى به في هذه الآية فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ} ٠

[*] وقال السِنْدِيُّ في شرحه لِسُنَنِ ابن مَاجَه:

الدُّعَاءُ من وظائف العبودية بل أعلاها٠٠ ومن يعلم أن حقيقة العبادة إظُهَارُ التَّذَلُلِ والاِفْتِقَارِ والاِسْتِكَانَةِ، والدُّعَاءُ في ذلك في الغاية القصوى، يَظْهَرُ له سِرُّ كَوْنَ الدُّعَاءِ مُخُّ العِبَادَةِ (٤)

[*] وقال الشيخ علي الحُذَيْفِيُّ: الدُّعَاءُ تتحقق به عبادة ربِّ العالمين؛ لأنه يتضمَّن تَعَلُّقَ القلبِ بالله تعالى، والإخلاص له، وعدم الاِلْتِفَاتِ إلى غير الله عزّ وجلّ في جَلْبِِ النَّفْعِ ودَفْعِ الضُّرِ، ويتضمَّن الدُّعَاءُ اليقين بأن الله قدير لا يُعجزه شيء٠٠ ويتضمَّن الدّعاءُ اِفْتِقَارَ العبدِ وشِدَّةَ اضطرارِه إلى ربّه، وهذه المعَاني العظيمةُ هي حقيقةُ العِبادة (٥)


(١) أنظر تفسير الرازي على الآية (٥٥ ـ الأعراف)
(٢) أنظر تحفة الذاكرين، ص ٢٨ ٠
(٣) أنظر تفسيره على الآية (٦٠ ـ الأعراف)
(٤) أنظر شرح السندي لسنن ابن ماجه على الحديث رقم: ٣٨١٧، وحديث " الدعاء مخ العبادة " رواه الترمذي وضعفه الألباني ٠
(٥) من خطبة الجمعة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة لفضيلة الشيخ: علي الحذيفي بتاريخ: ١٣ - ٤ - ١٤٢٤هـ وهي بعنوان: فضل الدعاء وآدابه، يمكن قراءتها أو الاستماع إليها عبر موقع: www.alminbar.net على الشبكة العنكبوتية ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>