[*] قال ابن تيمية رحمه الله: والتحقيق أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دل المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقوله وأفعاله وأخبر بخلافته إخبار رضي بذلك حامد له وعزم على أن يكتب بذلك عهداً ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك ... فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بياناً قاطعاً للعذر ولكن لما دلهم دلالات متعددة على أن أبابكر هو المتعين وفهموا ذلك حصل المقصود ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ... ) الى أن قال:(فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له بها وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختياراً استندوا فيه الى ما عملوه من تفضيل الله ورسوله فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعاً لكن النص دل على رضا الله ورسوله بها وأنها حق وأن الله أمر بها وقدرها وأن المؤمنين يختارونها وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها لأنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد، وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه ورضا الله ورسوله بذلك كان ذلك دليلاً على أن الصديق كان فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة فإن ذلك لايحتاج فيه الى عهد خاص (١).
{تنبيه}: على الرغم من أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - كان أحق الناس بالخلافة بالكتاب والسنة والإجماع إلا أنه لم يكن حريصاً على الخلافة ولا يوماً واحداً فقد ضرب أروع المثل في الزهد في الدنيا والعزوف عنها والرغبة في الآخرة والإقبال عليها إقبال الظامئ على المورد العذب: