(ومن يتق الشر يوقه) زاد الطبراني والبيهقي في روايتيهما ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلى ولا أقول لكم الجنة من تكهن أو استقسم أو ردّه من سفر تطير (تنبيه) قال بعضهم: ويحصل العلم بالفيض الإلهي لكنه نادر غير مطرد فلذا تمم الكلام نحو الغالب قال الراغب: الفضائل ضربان نظري وعملي وكل ضرب منها يحصل على وجهين أحدهما بتعلم بشرى يحتاج إلى زمان وتدرب وممارسة ويتقوى الإنسان فيه درجة فدرجة وإن فيهم من يكفيه أدنى ممارسة بحسب اختلاف الطبائع في الذكاء والبلادة، والثاني يحصل [ص ٥٧٠] بفيض إلهي نحو أن يولد إنسان عالماً بغير تعلم كعيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام الذين حصل لهم من المعارف بغير ممارسة ما لم يحصل لغيرهم وذكر بعض الحكماء أن ذلك قد يحصل لغير الأنبياء عليهم السلام في الفيئة بعد الفيئة وكلما كان يتدرب فقد يكون بالطبع كصبي يوجد صادق اللّهجة وسخياً وجريئاً وآخر بعكسه وقد يكون بالتعلم والعادة فمن صار فاضلاً طبعاً وعادة وتعلماً فهو كامل الفضيلة ومن كان رذلاً فهو كامل الرذيلة أهـ.
(وهذا الورع يُتَعَلَّم، كما قال الضحّاك بن عثمان رحمه الله: (أدركت الناس وهم يتعلمون الورع وهم اليوم يتعلمون الكلام)، والإنسان إذا تورّع لن يعدم الحلال ولا يظن أنه سيضيق على نفسه ضيقاً لا مخرج منه فإنه يلتمس الورع الشرعي مثلما تقدم.
(علامة الورع:
فصل الخطاب في علامة الورع:{ترك الشبهات} امتثالاً لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك كما في الحديث الآتي:
(حديث علي الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة و الكذب ريبة.
فتمام التقوى أن تتقي الله حتى تترك أحياناً ما ترى بعض الحلال خشية أن تكون حراماً، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرى تمرة فيريد أن يأكلها فيتركها لأنه يخشى أن تكون سقطت من تمر الصدقة.
وهذا أصل من أصول الورع، ولهذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمر بتمرة فلا يأكلها خشية أن تكون من الصدقة.
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: مر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة في الطريق، قال:(لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها).