للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال الله تعالى: (وَأُحِلّتْ لَكُمُ الأنْعَامُ إِلاّ مَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ) [الحج: ٣٠]

إن الله احل لنا بهيمة الأنعام إلا النزر اليسير، كالموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع، و إن الالتزام بما احل الله و بما حرم، هو جوهر التقوى و أهم مصاديقه.

ثم قال الله تعالى: قال تعالى: (فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزّورِ) [الحج: ٣٠]

هذا الشطر من الآية يبين الأبعاد المعنوية للتقوى، فتنقل الإنسان من اجتناب اللحوم المحرمة، إلى اجتناب الرذائل الخلقية التي تضر بكرامة الإنسان، بل تضر المجتمع و تسيء إليه كله.

(كيف يتم تعظيم حرمات الله تعالى:

لا يكون تعظيم حرماته جل جلاله إلا بعد العلم بوجوبها والإقرار بها والقيام بحقوقها ثم إقامة شرعه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن رجلا سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أأدخل الجنة؟ قال نعم، قال والله لا أزيد على ذلك شيئا.

((حديث النعمان بن بشير الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.

إذن فإن المؤمن الحق هو الذي يعظم حرمات الله ويستشعر هيبته ويخضع لجلاله، أما الغافلون والعصاة فيتهاونون بالذنوب ويجاهرون بالمعاصي،

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي موقوفاً) قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا فطار.

(قال بلال بن سعد ـ رحمه الله: (لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظم من عصيت).

<<  <  ج: ص:  >  >>