للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثالث: من لم ينقض العهد لكن نخاف منه أن ينتقض العهد، فهؤلاء نبلغهم بأن لا عهد بيننا وبينهم، كما قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (لأنفال:٥٨).

فهذه من حرمات الله عزّ وجلّ، وكل الله من زمان أو مكان أو إيمان فهو من حرمات الله عز وجل فإن الواجب على المسلم أن يحترمه، ولهذا قال الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه) (الحج: ٣٠)، وقال: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:٣٢).

الشعائر: العبادات الظاهرة سواء كانت كبيرة أم صغيرة؛ مثل الطواف بالبيت، والسعى بين الصفا والمروة، والأذان والإقامة، وغيرها من شعائر الإسلام فإنها إذا عظمها الإنسان كان ذلك دليلاً على تقواه، فإن التقوى هي التي تحمل العبد على تعظيم الشعائر. أما ألاية الثالثة فهي قوله تعالي: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: ٨٨) وفي الاية الأخروي:) لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء: ٢١٥)، والمعني تذلل لهم لهم في المقال والفعال؛ لأن الؤمن مع أخيه رحيم به، شفيق به، كما قال تعالي في وصف النبي صلي الله عليه وسلم ومن معه:) أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (الفتح: ٢٩). وفي قوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: ٨٨)، دليلٌ على أن الإنسان مأمور بالتواضع لإخوانه وإن كان رفيع المنزلة، كما يرتفع الطير بجناحه، فإنه وإن كان رفيع المنزلة فليخفض جناحه وليتذلل وليتواضع لإخوانه. وليعلم أن من تواضع لله رفعه الله عزّ وجلّ، والإنسان ربما يقول لو تواضعت للفقير وكلمت الفقير، أو تواضعت للصغير وكلمته أو ما أشبه ذلك، فربما يكون في هذا وضع لي، وتنزيل من رتبتي، ولكن هذا من وساوس الشيطان، فالشيطان يدخل على الإنسان في كل شيء، قال تعالى عنه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (لأعراف:١٦ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>