للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشيطان يأتي الإنسان ويقول له: كيف تتواضع لهذا الفقير؟ كيف تتواضع لهذا الصغير؟ كيف تكلم فلاناً؟ كيف تمشي مع فلان؟ ولكن من تواضع لله رفعه الله عزّ وجلّ، حتى وإن كان عالماً أو كبيراً أو غنياً، فإنه ينبغي أن يتواضع لمن كان مؤمناً، أما من كان كافراً فإن الإنسان لا يجوز له أن يخفض جناحه له، لكن يجب عليه أن يخضع للحق بدعوته إلى الدين، ولا يستنكف عنه ويستكبر فلا يدعوه، بل يدعوه ولكن بعزة وكرامة، ودون إهانة له، فهذا معنى قوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر:٨٨).

وفي الآية الثانية: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء:٢١٥)، فهذه وظيفة المسلم مع إخوانه، أن يكون هيناً ليناً بالقول وبالفعل؛ لأن هذا مما يوجب المودة والألفة بين الناس، وهذه الألفة والمودة أمرٌ مطلوب للشرع، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ما يوجب العداوة والبغضاء، مثل البيع على بيع المسلم, والسوم على سوم المسلم، وغير ذلك مما هو معروف لكثير من الناس،

(الذي أهلك المسلمون تهاونهم بصغائر الذنوب:

الذي أهلك المسلمون أنهم تركوا الكبائر، ووقعوا في الصغائر، هذا ذنبٌ تافه لا قيمة له، أنا لست نبياً، أنا لست صحابياً، صام، وصلى، ولم يرتكب كبيرةً، لم يزن، ولم يسرق، ولم يشرب الخمر، أما الغيبة، والنميمة، والنظر، والشبهات في كسب المال، والشبهات في إنفاق المال، هذا كله تساهل به، فإذا هو بعيدٌ عن الله عزَّ وجل بعداً كبيرا، فإذا الإسلام عنده ثقافة، أو حركاتٌ وطقوس، في بالإسلام جانب فكري، وفي جانب شعائري، الجانب الفكري لا يكفي، لأنه شرطٌ لازمٌ غير كافٍ، والجانب الشعائري لا يكفي حركاتٌ وسكنات لا معنى لها، ولكن الإسلام اتصالٌ بالله، والمشكلة أن الاتصال بالله لا ينعقد إلا إذا كان هناك استقامة على أمر الله.

وتناسى أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((إياكم ومحقرات الذنوب ... )).

وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا عائشة! إياك ومحقرات الذنوب؛ فإن لها من الله طالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>