للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(القسم الثاني: ما أجرى الله العادة به في الدنيا وأمر عباده بتعاطيه كالأكل عند الجوع، والشرب عند العطش، والاستظلال من الحر، والتدفؤ من البرد، ونحو ذلك، فهذا أيضاً واجب على المرء تعاطى أسبابه ومن قصّر فيه حتى تضرر بتركه – مع القدرة على استعماله – فهو مفرط يستحق العقوبة.

(القسم الثالث: ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعم الأغلب، وقد يخرق العادة في ذلك لمن شاء من عباده وهي أنواع: كالأدوية مثلاً وقد اختلف العلماء: هل الأفضل لمن أصابه المرض لتداوى أم تركه لمن حقق التوكل على الله؟

فيه قولان مشهوران، وظاهر كلام الإمام أحمد أن التوكل لمن قوى عليه للحديث الآتي:

(حديثُ ابن عباس في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: عُرِضت عليَّ الأمم فجعل يمرُ النبي معه الرجل والنبيُ معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد، ورأيتُ سواداً كثيراً سدَّ الأفق فرجوتُ أن تكون أمتي فقِيل هذا موسى وقومه، ثم قِيل ليَ انظر هكذا وهكذا فرأيتُ سواداً كثيراً سدَّ الأفق فقِيل هؤلاء أمتُك ومع هؤلاءِ سبعون ألفاً يدخلون الجنةَ بغيرِ حساب فتفرَّقَ الناسُ ولم يبينْ لهم، فتذاكرَ أصحابُ النبيِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا نحن وُلدنا في الشرك ولكن هؤلاء أبناؤنا، فبلغ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال {هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون} فقام عُكَّاشةُ ابن مِحصن فقال: أمنهم أنا يا رسولَ الله؟ قال: أنت منهم، فقام آخر فقال أمنهم أنا؟ قال: سبقك بها عُكَّاشة.

ومن رجح التداوي قال: إنه حال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي كان يداوم عليه – وهو لا يفعل إلا الأفضل – وحمل الحديث على الرقى المكروهة، التي يخشى منها الشرك، بدليل أنه قرنها بالكي والطيرة وكلاهما مكروه.

[*] قال مجاهد، وعكرمة، والنَخعى، وغير واحد من السلف: لا يرخص في تلك السبب بالكلية إلا لمن انقطع قلبه عن الاستشراف إلى المخلوقين بالكلية.

[*] سئل إسحق بن راهويه: هل للرجل أن يدخل المفازة بغير زاد؟ فقال: " إن كان الرجل مثل عبد الله بن جبير فله أن يدخل المفازة بغير زاد، وإلا لم يكن له ".

(حقيقة التوكل:

[*] قال الزبيدي في تاج العروس:

<<  <  ج: ص:  >  >>