للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثقة بما عند الله واليأس مما في أيدي الناس، فالتوكل على الله اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب، مع كامل اليقين أن تعلم أن الله هو الرازق الخالق المحيي المميت لا إله غيره ولا رب سواه.

والتوكل يتناول التوكل على الله ليعينه الله على فعل ما أمره والتوكل على الله ليعطيه ما لا يقدر عليه، وكلاهما كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، فالاستعانة تكون على الأعمال والتوكل أعمّ من ذلك فالتوكل مجلبة لمنفعة، ودفع لمضرة.

قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٩]

فكن شاكراً لله ولا تخشَ شيئاً إذا فوضت أمرك لله، كن رجّاعاً لله متكلاً عليه؛ حينها ينصرك الله.

حقيقة التوكل عبادة واستعانة قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: ١٢٣]

وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: ١٠]

وقال تعالى: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: ٣٠]

(انظر للمقارنة للتوكل مع العبادة والاستعانة بالله، فالتوكل أعمّ في جلب المنافع وهو دفع المضار حتى لو كانت في أشياء دنيوية والاستعانة على العبادة.

(والتوكل أعم من الاستعانة و قد جمع الله بين الأصلين في غير موضع كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]، فالعبادة له والاستعانة به والتوكل عليه وحده لا شريك له، الله عز وجل إذا توكل عليه العبد يكفيه و هو حسب من توكل عليه والحسب هو الكافي، يمنع الشر عنك، يكفيك ما أهمك، يكفيك عدوك ..

لما قال الله لنبيه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: ٦٤]، بعض الناس يظنون أن المعنى حسبك الله والمؤمنون حسبك أيضاً، يعني يكفونك مع الله، هذا خطأ بل حسبك الله وحسب من اتبعك، يكفيك ويكفيهم .. حسبك وحسبهم .. كلكم .. أنت وهم .. ، ولا يجوز حمل الآية على المعنى الآخر ..

<<  <  ج: ص:  >  >>