(حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قالت:" دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل. فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها. قلت: إن هذا خَلَق؟ قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة.
فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء. ودفن قبل أن يصبح " (البخاري ١٣٢١).
[*] قال الإمام ابن حجر في الفتح:
في كم كفنتم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: أي كم ثوبا كفنتم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه.
وقوله في كم معمول مقدم لكفنتم قيل ذكر لها أبو بكر ذلك بصيغة الإستفهمام توطئة لها للصبر على فقده واستنطاقا لها بما يعلم أنه يعظم عليه ذكره لما في بداءته لها بذلك من إدخال الغم العظيم عليها لأنه يبعد أن يكون أبو بكر نسي ما سأل عنه مع قرب العهد ويحتمل أن يكون السؤال عن قدر الكفن على حقيقته لأنه لم يحضر ذلك لإشتغاله بأمر البيعة وأما تعيين اليوم فنسيانه أيضا محتمل لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفن ليلة الأربعاء فيمكن أن يحصل التردد هل مات يوم الإثنين أو الثلاثاء.
قلت: إن هذا خَلَق: خلق بفتح المعجمة واللام أي غير جديد، وظاهره أن أبا بكر كان يرى عدم المغالاة في الأكفان ويؤيده قوله بعد ذلك إنما هو للمهلة، ولا يعارضه حديث جابر في الأمر بتحسين الكفن أخرجه مسلم فإنه يجمع بينهما بحمل التحسين على الصفة وحمل المغالاة على الثمن. أهـ
[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" أهل العلم يقولون: أبو بكر الصديق أزهد الناس بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزهد الشرعي أبو بكر وعمر "(المنهاج)
- مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا: