للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال [لي] رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "" ما أبقيت لأهلك؟ "" فقلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر [رضي الله عنه] بكل ما عنده، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "" ما أبقيت لأهلك؟ "" قال: أبقيت لهم الله ورسوله قلت: لا أسابقك إلى شىء أبدا.

[*] قال صاحب تحفة الأحوذي:

قَوْلُهُ: (أَنْ نَتَصَدَّقَ) أَيْ: فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ

(وَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا) أَيْ: صَادَفَ أَمْرُهُ بالتَّصَدُّقِ حُصُولَ مَالٍ عِنْدِي، فَعِنْدِي حَالٌ مِنْ مَالٍ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي: وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ لِي مَالٌ كَثِيرٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ

(الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ من مناقبه) أَيْ: بِالْمُبَارَزَةِ، أَوْ بِالْمُبَالَغَةِ

(إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا) أَيْ: مِنَ الْأَيَّامِ وَإِنْ شَرْطِيَّةٌ دَلَّ عَلَى جَوَابِهَا مَا قَبْلَهَا، أَوِ التَّقْدِيرُ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا فَهَذَا يَوْمُهُ، وَقِيلَ: إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ: مَا سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ (قَالَ) أَيْ: عُمَرُ (قُلْتُ مِثْلَهُ) أَيْ: أَبْقَيْتُ مِثْلَهُ يَعْنِي نِصْفَ مَالِهِ

(بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ) أَيْ: مِنَ الْمَالِ (اللَّهَ وَرَسُولَهُ) مَفْعُولُ: أَبْقَيْتُ أَيْ: رِضَاهُمَا

(لا أسابقك إلى شىء أبدا) أَيْ: مِنَ الْفَضَائِلِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُغَالَبَتِهِ حِينَ كَثْرَةِ مَالِهِ وَقِلَّةِ مَالِ أَبِي بَكْرٍ فَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَالِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْبِقَهُ. أهـ

كان فعل عمر فيما فعله من المنافسة والغبطة مباحاً ولكن حال الصديق - رضي الله عنه - أفضل منه لأنه خال من المنافسة مطلقاً ولا ينظر إلى غيره (١).

- وكان أبو بكرٍ الصديق من أزهد الناس وأتقى الناس.


(١) الفتاوى لابن تيمية (١٠/ ٧٢،٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>