للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل الشيخ الإمام العالم العامل الحبر الكامل شيخ الإسلام ومفتي الأنام تقي الدين ابن تيمية أيده الله وزاده من فضله العظيم عن الصبر الجميل و الصفح الجميل والهجر الجميل وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس؟

فأجاب رحمه الله:

الحمد لله أما بعد فإن الله أمر نبيه بالهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل:

فالهجر الجميل: هجر بلا أذى.

الصفح الجميل: صفح بلا عتاب.

والصبر الجميل: صبر بلا شكوى قال يعقوب عليه الصلاة والسلام (قَالَ إِنّمَآ أَشْكُو بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ) مع قوله (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىَ مَا تَصِفُونَ) فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول اللهم لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ومن دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللهم اليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت

[كتاب الزهد والورع والعبادة، الجزء ١، صفحة ٩٩]

(حكم الصبر:

أصل الصبر واجب، الصبر من حيث الجملة واجب، والله أمر به قال تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: ٤٥]

وقال تعالى: (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: ٢٠٠]

ونهى عن ضده قال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لّهُمْ) [الأحقاف: ٣٥]

و قال تعالى: (يَآأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلّوهُمُ الأدْبَارَ) [سورة: الأنفال - الأية: ١٥]

ورتب عليه خيري الدنيا والآخرة.

(لكن عندما نأتي إلى التفصيل فالصبر منه ما هو صبر واجب، يأثم الإنسان إذا لم يصبر ومنه ما هو صبر مستحب فهو واجب في الواجبات و واجب عن المحرمات و مستحب عن المكروهات و إذا صبر عن المستحب ولم يفعله فصبره مكروه، ومما يدل علىأن الصبر قد لا يكون لازماً قول الله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصّابِرينَ) [النحل: ١٢٦]،

<<  <  ج: ص:  >  >>