للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: اعتراف العبد لله بما أصابه كأنه تفسير لقوله: {إِنَّا لِلّهِ} (البقرة: من الآية ١٥٦). فيعترف أنه ملك لله يتصرف فيه مالكه بما يريد، وراجياً بهما عند الله كأنه تفسير لقوله: {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (البقرة: من الآية ١٥٦). أي نرد إليه فيجزينا على صبرنا، ولا يضيع أجر المصيبة.

(لله درُّ أقوامٍ امتثلوا ما أمروا، وزجروا عن الزلل فانزجروا، فإذا لاحت الدنيا غابوا وإذا بانت الأخرى حضروا فلو رأيتهم في القيامة إذا حشروا (إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ)

(جن عليهم الليل فسهروا، وطالعوا صحف الذنوب فانكسروا، وطرقوا باب المحبوب واعتذروا، وبالغوا في المطلوب ثم حذروا، فانظر بماذا وعدوا في الذكر وذكروا (إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ)

(ربحوا والله وما خسروا، وعاهدوا على الزهد فما غدروا، واحتالوا على نفوسهم فملكوا وأسروا، وتفقدوا أنه المولى فاعترفوا وشكروا (إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ)

(بيوتهم في خلوها كالصوامع، وعيونهم تنظر بالتقى من طرف خاشع، والأجفان قد سحت سحب المدامع، تسقى بذر الفكر الذي بذروا (إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ)

(استوحشوا من كل جليس شغلاً بالمعنى النفيس، وزموا مطايا الجد فسارت العيس، وبادروا الفرصة ففاتوا إبليس لا وقفوا ولا فتروا (إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ)

(أنواع الناس في الصبر:

الناس في الصبر أنواع وهذا تقسيم شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه سبر نفوس الناس حسب ما رأى من الدين:

(١) أهل الصبر والتقوى، وهم الذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة، صبروا على طاعته وصبروا على ترك محارمه.

(٢) ناس عندهم تقوى بلا صبر، فقد يكون هناك رجل عابد زاهد قوام صوام متصدق منفق ذاكر قانت لكن إذا نزلت به المصيبة ينهار، فعنده تقوى لكن إذا نزلت به مصيبة انهار.

[*] قال ابن الجوزي:

رأيت كبيراً قارب الثمانين كان يحافظ على الجماعة فمات ولد لابنته فقال ما ينبغي لأحد أن يدعو فإنه لا يستجيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>