للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطريق المحبة و الرضا تسير بالعبد و هو مستلقٍ على فراشه فيصير أمام الركب بمراحل!!

هناك أناسٌ يعملون و يجهدون و صاحب الرضا بعبادته القلبية يسبقهم بمراحل،

و هم من خلفه مع أنه على فراشه و هم يعملون؛ لأنه راضٍ عن الله و يتفكّر في هذا الأمر ويؤمن به فيقترب من الله و أناسٌ لم يصلوا لهذا المستوى و يعملون و يجهدون ...

لذلك أعمال القلوب مهمةٌ جداً؛ لأن المرء يمكن يبلغ بها مراتب عند الله و هو قاعدٌ ..

و هذا لا يعني ألا يعمل و لا يصلي ..

و قد يكون هناك أناسٌ آخرين أكثر منه عملاً (صيام

صدقة

حج)، لكنهم أقل منه درجةً ..

لماذا؟!!

لأنك بهذا العلم بأعمال القلوب قد تحصّل مراتب عند الله أكثر منهم؛ لأن عمل القلب نفسه يرفع العبد في كثيرٍ من الأحيان أكثر من عمل الجوارح

فأبو بكر ما سبق أهل هذه الأمة لأنه أكثرهم صلاةً و قياماً في الليل ... هناك أناسٌ أكثر منه في عمل العبادات و الجوارح ... لكن سبقهم بشيءٍ وَقَرَ في نفسه ..

الرضا عن الله لو تحققت في صدر العبد؛ تميز بين مستويات العباد و ترفع هذا فوق هذا .. ينبغي التفطّن لها .. كما تعمل بالجوارح هناك أعمال قلوبٍ لا تقل أهميةً بل هي أعلى منها، مع الجمع بين الواجب من هذا و ذاك ..

و لكن قد يدرك الإنسان أحياناً بتفطّنه و تأمله و تفكّره و إيمانه مراتب أعلى من الذي أكثر منه عملاً بالجوارح .. و لذلك يقول ابن القيّم: ((فطريق الرضا و المحبة تسيّر العبد و هو مستلقٍ على فراشه فيصبح أمام الركب بمراحل)) " و هو على فراشه " ..

(الفرق بين الرضا والصبر:

الصبر: هو حبس النفس وكفها عن السخط –مع وجود الألم – وتمنى زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع،

والرضا: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك زوال الألم – وإن وجد الإحساس بالألم – لكن الرضا يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوى الرضى فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.

[*] قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " إن الله تعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط ".

[*] وقال علقمة في قوله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: من الآية١١]

هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>