للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرضَ .. كيف أسجد لبشرٍ خلقتَه من ترابٍ؟ .. فعدم الرضا من إبليس أدّى إلى اعتراضٍ على أمر الله .. فإذاً منافقو عصرنا الذين لا يرضون بحكم الله في الربا و الحجاب وتعدّد الزوجات في كل مقالاتهم في مخاصمةٍ مع الرب سبحانه .. لماذا؟!!! ... كلامهم يدور على مخاصمة الرب في شرعه و إن لم يصرّحوا بهذا .. ! فالرضا يخلّص الإنسان من هذه المخاصمة ..

(٦) الرضا من العدل .. الرضا يُشْعِر العبد بعدل الرب .. و لذلك كان صلى الله عليه و سلم يقول: ((عدلٌ فيَّ قضاؤك)) كما في الحديث الآتي:

(حديث ابن مسعود في السلسلة الصحيحة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما أصاب عبداً همٌ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِ اسمٌ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدٌ من خلقك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبي ونورَ بصري وجلاء حزني وذهاب همِّي إلا أذهب الله همَّه وأبدله مكانه فرجاً.

والذي لا يشعر بعدل الرب فهو جائرٌ ظالمٌ، فالله أعدل العادلين حتى في العقوبات ..

فقطع يد السارق عقوبةٌ، فالله عدَل في قضائه و عقوباته فلا يُعْتَرض عليه لا في قضائه و لا في عقوباته ..

وعدم الرضا لأحد سببين: إما لفواتِ شيءٍ أخطأك و أنت تحبه و تريده .. أو لشيءٍ أصابك و أنت تكرهه و تسخطه .. فيحصل للشخص الذي ليس عنده رضا قلقٌ و اضطرابٌ إذا نزل به ما يكره و فاته ما يحب حصل له أنواع الشقاء النفسي، و إذا كان راضياً لو نزل به ما يكره أو فاته ما يحب ما شقي و لا تألّم؛ لأن الرضا يمنع عنه هذا الألم، فلا هو يأسى على ما فاته و لا يفرح بما أوتي .. قال تعالى: (لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ) [الحديد: ٢٣] *

الرضا مفيدٌ جداً لأنه يجعل المرء لا يأسف على ما فاته و لا يحزن و لا يتكدّر

على ما أصابه؛ لأنه مقدّرٌ مكتوبٌ ..

(٦) الرضا يفتح باب السلامة من الغشّ و الحقد و الحسد؛ لأن المرء إذا لم يرضَ بقسمة الله سيبقى ينظر إلى فلانٍ و فلانٍ .. فيبقى دائماً عينه ضيقةٌ و حاسدٌ ومتمنٍّ زوال النعمة عن الآخرين .. و السخط يدخل هذه الأشياء في قلب صاحبه ..

(٧) الرضا يجعلك لا تشكّ في قضاء الله و قدره و حكمته و علمه .. فتكون مستسلماً لأمره معتقداً أنه حكيمٌ مهما حصل .. لكن الإنسان الساخط يشكّ ويوسوس له الشيطان ما الحكمة هنا و هنا؟؟ .. !!

<<  <  ج: ص:  >  >>