للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] قال بعض الحكماء: من كتم سره كان الخيار إليه ومن أفشاه كان الخيارعليه وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنع من بلوغ مأربه ولو كتمه كان من سطوته آمناً ومن عواقبه سالماً وبنجاح حوئجه فائزاً

[*] وقال بعضهم: سرك من دمك فإذا تكلمت فقد أرقته وقال أنو شروان من حصن سره فله بتحصينه خصلتان الظفر بحاجته والسلامة من السطوات. وفي منثور الحكم انفرد بسرك ولا تودعه حازماً فيزول ولا جاهلاً فيحول لكن من الأسرار ما لا يستغني فيه عن مطالعة صديق ومشورة ناصح فيتحرى له من يأتمنه عليه ويستودعه إياه فليس كل من كان على الأموال أميناً كان على الأسرار أميناً. والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار قال الراغب: وإذاعة السر من قلة الصبر وضيق الصدور ويوصف به ضعف الرجال والنساء والصبيان والسبب في صعوبة كتمان السر أن للإنسان قوتين آخذة ومعطية وكلتاهما تتشوف إلى الفعل المختص بها ولولا أن الله وكل المعطية بإظهار ما عندها لما أتاك بالأخبار من لم تزوده فصارت هذه القوة تتشوف إلى فعلها الخاص بها فعلى الإنسان أن يمسكها ولا يطلقها إلا حيث يجب إطلاقها.

أما مقابلة النعمة فلايمكن في حق الله قال تعالى: (لَن يَنَالَ اللّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا) [الحج: ٣٧]، فلا سبيل إلى المجازاة ويبقى في قضية الثناء عليه استعمالها فيما يرضيه، أما المجازاة فلا سبيل إليها ولا ينتفع الله بخلقه شيء.

(نماذج من شكر السلف رحمهم الله تعالى:

(شكر عمر أن رفع الله منزلته وقوله في الشكر والصبر:

وأَخرج ابن سعد وابن عساكر عن سليمان بن يسار قال: مرَّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بضَجنانَ فقال: لقد رأَيتني وإني لأرعى على الخطاب في هذا المكان، وكان ـ والله ـ ما علمتُ فظاً عليظاً، ثم أصبحت إلى أمر أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال متمثلاً:

لا شيء فيما ترى إلاّ بشاشته

يبقى الإِله ويُودي المالُ والولدُ

ثم قال لبعيره حَوْب. كذا في منتخب الكنز.

وأخرج ابن عساكر عن عمر رضي الله عنه قال: لو أَتيت براحلتين: راحلة شكر، وراحلة

صبر؛ لم أبالِ أيهما ركبت. كذا في المنتخب.

(قول عمر في رجل مبتلي وفي رجل آخر في هذا الأمر:

<<  <  ج: ص:  >  >>