للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(انظروا إلى من هو أسفل منكم) أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك

(ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) فيها

(فهو أجدر) أي فالنظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق

(أن لا تزروا) أي بأن لا تحتقروا

(نعمة اللّه عليكم) فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم اللّه وحرص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد. قال الغزالي: وعجب للمرء كيف لا يساوي دنياه بدينه أليس إذا لامته نفسه فارقها يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة فينظر أبداً في الدين إلى من هو دونه لا لمن فوقه أفلا يكون في الدنيا كذلك. وقال الحكيم: لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علواً علواً كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها فإذا نظر إلى من دونه في درجات الدين اعتراه العجب فأعجب بنفسه فطال بتلك الدرجة على الخلق واستطال [ص ٦٠] فرمى به من ذلك العلو فلا يبقى منه عضو إلا انكسر وتبدّد وكذا درجات الدنيا إذا رمى ببصره إلى من دونه تكبر عليه فتاه على اللّه بكبره وتجبر على عباده فخسر دينه وقد أخذ هذا الحديث محمود الورّاق فقال: لا تنظرن إلى ذوي الـ * مؤثل والرياش فتظل موصول النها * ر بحسرة قلق الفراش وانظر إلى من كان مثـ * لك أو نظيرك في المعاش تقنع بعيش كيف كا * ن وترض منه بانتعاش. أهـ

(فمما يحفظ العبد من ترك الشكر عندما ينظر إلى من هو فوقه أن هذه قسمة الله، قال تعالى: (وَهُوَ الّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنّ رَبّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنّهُ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ) [الأنعام: ١٦٥]

(٢) ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أن يعلم العبد أنه مسئول عن النعمة، قال تعالى: (ثُمّ لَتُسْأَلُنّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعِيمِ) [التكاثر: ٨]، وهو كذلك محاسب عليها حتى الماء البارد، وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم القيامة إلا عُذِّب بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي: (

<<  <  ج: ص:  >  >>