للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلم أصحابه أن يحمدوا الله على الأكلة أو الشربة كما في الحديث الآتي:

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها.

[*] قال الحسن البصري رحمه الله:

إن الله ليمتع بالنعمة ماشاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً ولهذا كانوا يسمون الشكر (الحافظ) لأنه يحفظ النعم الموجودة و (الجالب) لأنه يجلب النعم المفقودة.

هكذا يحفظ ويحصّل من علو منزلة الشكر وعظمه عند الله، ولا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد الذي هو قيد النعم، فهو يقيد النعمة ألا تنقلب ولا تهرب.

[*] قال عمر بن عبد العزيز:

قيدوا نعم الله بشكر الله، والشكر مع المعافاة عند بعض أهل العلم أعظم من الصبر على الابتلاء. فقال مطرف بن عبد الله: لأن أعافي فأشكر أحبُّ إليّ من أن أُبتلى فأصبر.

فإذا رزقت الشكر على النعمة فإن هذا لا يقل عن الصبر على المصيبة.

[*] قال الحسن: [أكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه قال تعالى: (وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ) [الضحى: ١١]

والله يحب من عبده أن يرى أثر نعمته على عبده فإن ذلك شكرها بلسان الحال كما في الحديث الآتي:

(حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

{تنبيه}: (فصل الخطاب في مسألة أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده أن يكون لها ضابط وحد الشرعي، فإذا أردت أن تظهر نعم الله عليك فإن ذلك مقيد في عدم الخيلاء والإسراف كما في الحديث الآتي:

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة.

[*] وقال الحسن:

إذا أنعم الله على قوم سألهم الشكر فإذا شكروه كان قادراً على أن يزيدهم وإذا كفروه كان قادراً على أن يبعث عليهم عذاباً.

(وقد ذم الله الكنود وهو الذي لا يشكر نعمه، قال الحسن: (إِنّ الإِنسَانَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات: ٦] أي يعد المصائب وينسى النعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>