للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(التحدث بنعمة اللّه شكر) أي إشاعتها من الشكر {وأما بنعمة ربك فحدث} والشكر ثلاثة أقسام شكر اللسان بالتحدث [ص ٢٨٠] بالنعمة وشكر الأركان بالقيام بالخدمة وشكر الجنان بالاعتراف بأن كل نعمة منه تعالى

(وتركها كفر) أي ستر وتغطية لما حقه الإظهار والإذاعة قال بعض العارفين: ذكر النعم يورث الحب في اللّه ثم هذا الخبر موضعه ما لم يترتب على التحدث بها ضرر كحسد وإلا فالكتمان أولى كما يفيده قول الزمخشري: وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد أن يقتدى به وأمن على نفسه الفتنة وإلا فالستر أفضل ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل السمعة والرياء لكفى

(ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير) فاشكر لمن أعطى ولو سمسمة

(ومن لا يشكر الناس لا يشكر اللّه) أي من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان عادته كفران نعم اللّه وترك الشكر له أو المراد أن اللّه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس وينكر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر

(والجماعة بركة والفرقة عذاب) أي اجتماع جماعة المسلمين وانتظام شملهم زيادة خير وأو أجر وتفرقهم يترتب عليه من الفتن والحروب والقتل وغير ذلك مما هو أعظم من كل عذاب في الدنيا وأمر الآخرة إلى اللّه. (فائدة} أخرج في الحلية عن وهب أن بعض الأنبياء عليه السلام سأل ربه عن سبب سلب بلعام بعد تلك الآيات والكرامات فقال تعالى: إنه لم يشكرني يوماً على ما أعطيته ولو شكرني على ذلك مرة واحدة لما سلبته نعمتي.

كان عمر بن عبد العزيز إذا قلّب بصره في نعمة أنعمها الله عليه قال: [اللهم إني أعوذ بك أن أبدّل نعمتك كفراً وأن أكفرها بعد أن عرفتها وأن أنساها ولا أثني بها]، لأن الله ذم الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.

وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأرْوَانا غير مَكْفيٍّ ولا مكفور كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي أمامة في صحيح البخاري) قال كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأرْوَانا غير مَكْفيٍّ ولا مكفور.

(٦) ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أن سجود الشكر تأسياً بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي بكرة الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا جاءه أمرَ سرورٍ أو بُشِّر به خر ساجدا شكرا لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>