(السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه كما قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين: صدقة ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه: صدقة والكلمة الطيبة: صدقة وبكل خطوة يمشيها الرجل إلى الصلاة: "صدقة ويميط الأذى عن الطريق": صدقة متفق عليه.
(السابعة: الجود بالعرض كجود أبي ضمضم من الصحابة رضي الله عنهم كان إذا أصبح قال: اللهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني: فهو في حل فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه.
(الثامنة: الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء وهذه مرتبة شريفة من مراتبه وهي أنفع لصاحبها من الجود بالمال وأعز له وأنصر وأملك لنفسه وأشرف لها ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار فمن صعب عليه الجود بماله فعليه بهذا الجود فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة وهذا جود الفتوة قال تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}[المائدة: ٤٥] وفي هذا الجود قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى: ٤٠] فذكر المقامات الثلاثة في هذه الآية: مقام العدل وأذن فيه ومقام الفضل وندب إليه ومقام الظلم وحرمه.
(التاسعة: الجود بالخلق والبشر والبسطة وهو فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم وهو أثقل ما يوضع في الميزان قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط إليه" وفي هذا الجود من المنافع والمسار وأنواع المصالح ما فيه والعبد لا يمكنه أن يسع الناس بحاله ويمكنه أن يسعهم بخلقه واحتماله.