للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) سؤال غير الله فيما يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من حيٍّ قادرٍ حاضرٍ أن يطعمه، أو يعينه فهذا جائز.

[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد مضت السُّنَّةُ أن الحيَّ يطلب منه الدعاء كما يطلب منه سائر ما يقدر عليه.

وأما المخلوق الغائب والميت فلا يطلب منه شيء. (١)

ومن هذا قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: (فَاسْتَغَاثَهُ الّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الّذِي مِنْ عَدُوّهِ) [القصص / ١٥]

(تعريف دعاء العبادة: أما دعاء العبادة فهو شامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة؛ لأن المتعبد لله طالب وداعٍ بلسان مقاله ولسان حاله ربَّه قبولَ تلك العبادة، والإثابة عليها، فهو العبادة بمعناها الشامل.

(ولهذا لو سألت أي عابد مؤمن: ما قَصْدُك بصلاتك، وصيامك، وحجك، وأدائك لحقوق الله وحق الخلق؟ _ لكان قلب المؤمن ناطقًا قبل أن يجيبك لسانه: بأن قصدي من ذلك رضا ربي، ونيل ثوابه، والسلامة من عقابه؛ ولهذا كانت النية شرطًا لصحة الأعمال وقبولها وإثمارها الثمرة الطيبة في الدنيا والآخرة. (٢)

ولهذا فَصَرْفُ دعاء العبادة لغير الله يعد شركًا أكبر؛ لأن من يدعو غير الله إنما يتقرب إليه حتى يجيب دعاءه، ويثيبه على فعله.

(وهكذا دعاء المسألة إلا فيما يوجه للمخلوق الحي، الحاضر، القادر؛ فليس من العبادة؛ لقصة موسى المذكورة في سورة القصص، وهي قوله_سبحانه: (فَاسْتَغَاثَهُ الّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الّذِي مِنْ عَدُوّهِ) [القصص / ١٥]

والأدلة في ذلك كثيرة.

(تلازم نوعي الدعاء: من خلال ما مضى يتبين لنا أن نوعي الدعاء متلازمان؛ ذلك أن الله _ عز وجل _ يُدعى لجلب النفع ودفع الضر دعاء المسألة، ويدعى خوفًا ورجاءً دعاء العبادة؛ فعلم أن النوعين متلازمان؛ فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة. (٣)

(أمثلة لتلازمهما (٤):

(١) قال تعالى: (وَقَالَ رَبّكُمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر/ ٦٠] أي أستجب طلبكم، وأتقبل عملكم.


(١) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية تحقيق عبد القادر الأرناؤوط ص١٦٥.
* ... من تعليقات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
(٢) القواعد الحسان، ص١٥٥.
* من تعليقات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
(٣) انظر بدائع الفوائد، ٣/ ٣.
(٤) انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ١٠/ ٢٣٧ _ ٢٤٠ والقواعد الحسان، ص ١٥٥_١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>