للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال تعالى: (إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِينَ) [غافر / ٦٠]]، فسمى ذلك عبادة؛ وذلك لأن الداعي دعاء المسألة يطلب سؤله بلسان المقال، والعابد يطلب من ربه القبول والثواب، ومغفرة الذنوب بلسان الحال.

(٢) قال تعالى: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ) [الأعراف / ٢٩

فَوَضْعُ كلمة الدِّين موضع كلمة العبادة_ وهو كثير في القرآن _ يدل على أن الدعاء هو لب الدين، وروح العبادة.

ومعنى الآية هنا: أخلصوا له إذا طلبتم حوائجكم، وأخلصوا له أعمال البر والطاعة.

(٣) قال تعالى: (وَإِذَا مَسّ الإِنسَانَ الضّرّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً) [يونس / ١٢]

يدخل في قوله: دعانا (دعاءُ المسألة)؛ فإنه لا يزال مُلِحًّا بلسانه، سائلاً دفع ضرورته.

ويدخل في (دعاء العبادة)؛ فإن قلبه في هذه الحال يكون راجيًا طامعًا، منقطعًا عن غير الله، عالمًا أنه لا يكشف ما به من سوء إلا الله، وهذا دعاء عبادة.

(٤) قال تعالى: (ادْعُواْ رَبّكُمْ تَضَرّعاً وَخُفْيَةً) [الأعراف / ٥٥]

فقوله تعالى ادعوا يدخل فيه الأمران؛ فكما أن من كمال دعاء الطلب كثرةَ التضرع، والإلحاح، وإظهار الفقر والمسكنة، وإخفاء ذلك، وإخلاصه _ فكذلك دعاء العبادة؛ فإن العبادة لا تتم، ولا تكمل إلا بالمداومة عليها، ومقارنة الخشوع، والخضوع، وإخفائها، وإخلاصها لله _ تعالى _.

(٥) قال تعالى: (فَلاَ تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلََهاً آخَرَ) [الشعراء / ٢١٣]

وقوله تعالى: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) [المؤمنون / ١١٧] وقوله تعالى (فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللّهِ أَحَداً) [الجن / ١٨]

يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة؛ فكما أن من طلب من غير الله حاجة لا يقدر عليها إلا الله فهو مشرك كافر _ فكذلك من عبد مع الله غيره فهو مشرك كافر.

(٦) وقوله تعالى قال تعالى: (وَللّهِ الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف /١٨٠] يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة.

أما دعاء المسألة فإنه يسأل الله تعالى في كل مطلوب باسم يناسب ذلك المطلوب ويقتضيه، فمن سأل رحمة الله ومغفرته دعاه باسم الغفور الرحيم، ومن سأل الرزق سأله باسم الرزاق، وهكذا ...

<<  <  ج: ص:  >  >>