للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمؤيد بالوحي – عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في استنزال النصر بالدعاء.

(حديث بْن عَبّاسٍ رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) قال: حَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ قال: لَمّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلَىَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم الْقِبْلَةَ ثُمّ مَدّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبّهِ: اللّهُمّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي. اللّهُمّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي. اللّهُمّ إنْ تَهْلِكْ هََذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبّهِ مَادّاً يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتّىَ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَ هُ فَأَلْقَاهُ عَلَىَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيّ اللّهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبّكَ (١) فَإنّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال/٩]

فاستجاب الله دعاء نَبِيِّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونصره على أعدائه.

(٢٣) الدعاء يؤكد ثقة العبد بربه، حين يوقن بالإجابة:

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة و اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافلٍ لاه.

والدعاء تعبير عن نفس الإنسان، وعن سماحته، وعن إيمانه وخلقه، فالدعاء يدرب على الدعاء للآخرين، حتى للمخالفين، مما يدرب على العفو والتسامح والحب والإيمان.

[*] (شروط الدعاء:

الشرط: لغة العلامة، واصطلاحاً: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم لذاته (٢).


(١) - وفي رواية لمسلم (كفاك مناشدتك ربك)، وهي كذلك في المسند (١/ ٣٢) وغيره، ويُنظر شرح النووي على مسلم ... (١٢/ ٤٣٤).
(٢) الفوائد الجلية في المباحث الفرضية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ص١٢ وعدة الباحث في أحكام التوارث للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد ص٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>