للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٣) الدعاء في كل الأحوال في الشدة والرخاء، وفي المنشط والمكره:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد و الكرب فليكثر الدعاء في الرخاء.

{تنبيه}: (إن من أهم أسباب رد الدعاء على صاحبه سوء حال الداعي فالكثير منا لا يدعو الله ولا يلجأ ولا يستغيث ولا يستنصر إلا في الشدة والضراء وعند الرخاء والسرور ننسى الله ونبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.

والمعنى: من أحب أن يستجيب الله له عند الشدائد، وهي الحادثة الشاقة، والكُرَب: وهي الغم الذي يأخذ النفس، فليكثر الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من شيمة المؤمن أن يلجأ إلى الله تعالى ويكون دائم الصلة به، ويلتجئ إليه قبل الاضطرار (١). قال الله تعالى في يونس عليه الصلاة والسلام حينما دعاه فأنجاه واستجاب له: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (٢).

وقد حرص السلف رضوان الله عليهم على الدعاء في سائر شؤونهم فقد كانوا يسألون الله في كل شيء حتى العلف لدوابهم والملح في الطعام "

وكثير من الناس لايدعو الله إلا في الشدائد والأزمات, وهذا مسلك خطأ والمشروع للمؤمن أن يدعو الله في السراء والضراء وإذا كان دائم الاتصال بالله أجيبت دعوته في الشدائد.

(هذا يونس بن متّى نبي الله يسقط في لجج البحار فيبتلعه الحوت فهو في ظلمة جوف الحوت في ظلمة جوف البحر في ظلمة الليل, في ظلمات ثلاث, فلا أحد يعلم مكانه, ولا أحد يسمع نداءه, ولكن يسمع نداءه من لا يخفى عليه الكلام, ويعلم مكانه من لا يغيب عنه مكان, فدعا وقال وهو على هذه الحال: (وَذَا النّونِ إِذ ذّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنّ أَن لّن نّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىَ فِي الظّلُمَاتِ أَن لاّ إِلََهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمِينَ) [الأنبياء / ٨٧]

فسمعت الملائكة دعائه, فقالت: صوت معروف في أرض غريبة, هذا يونس لم يزل يرفع له عمل صالح ودعوة مستجابة.

{تنبيه}: (هذا الدعاء من أعظم أنواع الدعاء، لاشتماله على الآتي:

أولاً: على توحيد الله (لا إله إلا أنت)


(١) انظر: تحفة الأحوذي ٩/ ٣٢٤.
(٢) سورة الصافات، الآيتان: ١٤٣، ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>