{تنبيه}: (قد يكون العبد مثقلاً بالذنوب والمعاصي، فيرى أنه من العار عليه، ومن التعدي على ربه أن يدعوه، وهذا خطأ محض، فأكثر العباد افتقاراً إلى الله تعالى أهل الذنوب والمعاصي، هم أكثر من يحتاج إلى اللجوء إلى الله عز وجل بأن ينقذهم منها قبل أن يموتوا على فعلها فتكون الخاتمة سيئة والعاقبة وخيمة.
فقد يأتي الشيطان إلى العبد ويسول له ويلقي في روعه أنه مثقل بالذنوب، وأن نفسه أحقر من أن يسأل الله تعالى أن يثبته ويعصمه من ذلك، وهذا تلبيس من إبليس، يريد به القضاء على العبد وأن يغرقه في لجج المعاصي والآثام، حتى يلقى الله تعالى وهو مثقل بها، فمن عرف ذلك فعليه أن يدحر عدوه ويخذله ولا يمكنه من نفسه، بل عليه أن يجد في الدعاء ويكثر منه، ولا تثنيه معاصيه وذنوبه عن الدعاء والإلحاح إلى الله عز وجل في ذلك، يقول [*] سفيان بن عيينة رحمه الله:
" لا يمنعن أحداً من الدعاء من الدعاء ما لم يعلم في نفسه ـ يعني من التقصير ـ فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: " رب أنظرني إلى يوم يبعثون "، ولهذا جاء في الحديث القدسي:" أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني " [أخرجه مسلم].
(٤) السلامة من الغفلة:
وذلك بحضور القلب وخشوعه، واستحضاره لمعاني الدعاء، فذلك من أعظم أسباب الإجابة.
أما استيلاء الغفلة، واستحكام الشهوة فمن أعظم موانع الإجابة.
[*] قال يحيى بن معاذ:
من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يردَّه. (١)
[*] قال ابن القيم تعليقًا على ذلك:
قلت: إذا اجتمع عليه قلبه، وصدقت ضرورته وفاقته، وقوي رجاؤه _ لا يكاد يرد دعاؤه. (٢)
(٥) اغتنام الفرص:
وذلك بتحري أوقات الإجابة، والمبادرة لاغتنام الأحوال، والأوضاع، والأماكن التي هي مظان إجابة الدعاء.
(٦) كثرة الأعمال الصالحة:
فالأعمال الصالحة سبب عظيم لرفع الدعاء وتقبله؛ فالدعاء من الكلمِ الطيب، والكلمُ الطيب يصعد إلى الله، ويحتاج إلى عمل صالح يرفعه.
قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر / ١٠]
وكما في قصة أصحاب الغار؛ فإن أعمالهم الصالحة شفعت لهم، وكانت سببًا في إجابة دعائهم.
[*] قال وهب بن منبه:
مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر.
(١)، (٤) ... الفوائد لابن القيم ص٧٣.